×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

 الإِيمَانِ؛ يَكِلُهُم إلَى إِيمَانِهم، فيُعطِي الرَّجلَ وغَيرُه أحَبُّ إَلَيه مِنهُ، ولاَ يُعطِي مَن هُو أَحَبُّ إِلَيه؛ لأَجْلِ أنْ يَتَألّفَ علَى الإِسلامِ، وَيَكِلُ المُؤمِنَ إلَى إيِمَانِه، هذَا وَاضحٌ مِن هَذَا الحَدِيثِ؛ أنَّه أَعطَى رِجَالاً مِن ضِعَافِ الإِيمَانِ؛ لِيَتَقوَّى إِيمَانُهم، يَتَألَّفُهم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَرَك رَجُلاً يُزِكِّيهِ سَعدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه - وَنِعمَ المُزَكِّي-، يَشهَدُ لَه بِالإِيمَانِ، فَاستَغرَبَ أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم تَرَكَه، وَيُعطِي غَيرَه مِمَّن هُو دُونَه، استَغرَبَ هَذَا رضي الله عنه، وَكَرَّرَ عَلَى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: فَإنَّه مُؤمِنٌ، فَإنَّه مُؤمِنٌ، فإنَّه مُؤمِنٌ. والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يقُولُ: «أَوْ مُسْلِمًا»، أَنتَ لاَ تُزَكِّيه بِمَا فِي قَلبِه؛ لأنَّ هَذَا لاَ يَعلمُه إلاَّ اللهُ، وَلَكنْ قُل: إنَّه مُسلِمٌ. احكُمْ عَلَى الظَّاهِرِ، نَحنُ نَحكُمُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَلاَ نَحكُمُ عَلَى البَاطِنِ.

هذَا فِيهِ دَلِيلٌ علَى أنَّنَا لَيسَ لنَا إلاَّ الظَّاهِر، وأمَّا البَوَاطِنُ، فَحُكمُهَا إلَى اللهِ سبحانه وتعالى، ولِهَذَا يَقُولُون: كلُّ مُؤمِنٍ فَهُو مُسلِمٌ، وَلَيسَ كلُّ مُسلِمٍ يَكُونُ مُؤمِنًا.

هذَا فِيهِ مِثلُ مَا فِي الآيَةِ؛ أنَّه يَمنَعُ التَّزكِيَةَ؛ أنْ يُزَكِّي الإِنسَانُ نَفسَه، أَو يُزَكِّي غَيرَه، وَيَقُولُ: فُلانٌ مُؤمِنٌ. وَإنَّما يَقولُ: فُلانٌ مُسلِمٌ فِي الظَّاهِرِ؛ يَعنِي: فِيمَا يَظهَرُ لنَا أنَّه مُسلِمٌ.

وأمَّا أنْ نَحكُمَ بِأنَّه مُؤمِنٌ، هَذَا لاَ يَعلمُه إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى، هَذِه مَسألَةٌ، وَالمَسألَةُ الثَّانِيَةُ: أَشَرنَا إِلَيها، وَهِي أنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم يُعطِي مَن يُحِبُّ مِن ضِعَافِ الإِيمَانِ؛ مِن أَجلِ أَنْ يَتَألَّفَهم عَلَى الإِسلاَمِ، وَلاَ يُعطِي مَن يُحِبُّ؛ لأنَّه يَكِلُهُ إلَى إِيمَانِه، وَلِذَلِك لمَّا قسَّمَ غَنَائِمَ حُنَين، أَعطَى


الشرح