×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

بَابٌ: إِفْشَاءُ السَّلاَمِ مِنَ الإِسْلاَمِ

****

وقَالَ عَمَّارٌ: «ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ: الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ».

****

  يَقولُ عمَّارُ بنُ يَاسرٍ رضي الله عنهما، أَحدُ السَّابِقِين الأَوّلِين المُهَاجِرِين رضي الله عنه: «ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ»؛ يَعنِي: حَوَى الإِيمَانَ كلَّه، وَهَذِه الثلاثُ أعمَالٌ، دَلَّ عَلَى أنَّ الأَعمَالَ دَاخِلةٌ فِي حَقِيقَةِ الإِيمَانِ، وأنَّه تَارةً يُعبِّرُ عَن الإِيمَانِ بِالعمَلِ؛ «ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ».

الأولَى: «الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ»، فَالإِنسَانُ لاَ يُزَكِّي نَفسَه، وَيَبدَأُ بِنَفسِه، وَلاَ يُطَالبُ الآخَرِينَ قَبلَ نَفسِه، الإِنسَانُ يَعرِفُ قَدرَ نَفسِه، فَلا يَجرَحُ الآخَرِينَ وَيُزَكِّي نَفسَه، بَل نَفسُه أَولَى بِالتَّجرِيحِ؛ حتَّى يَترُكَ مَا لاَ يَلِيقُ.

فإذَا أَنصَفَ الإِنسَانُ مِن نَفسِه، أَنصَفَ الآخَرِينَ، وإذَا لَم يُنصِفْ مِن نَفسِه، لَم يُنصِفْ الآخَرِينَ، هَذهِ وَاحِدةٌ.

الثانية: «وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ»؛ بِفَتحِ الَّلامِ، يَعنِي: يُسَلِّمُ عَلَى النَّاسِ؛ كَمَا سَبَقَ فِي الحَدِيثِ: «وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» ([1])، فبَذلُ السَّلامِ عَلَى عُمُومِ النَّاسِ المسلِمِين هَذَا مِن جوَامِعِ الإِسلاَمِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (12)، ومسلم رقم (39).