حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ،
وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ» ([1]).
****
والثالثة:
«وَالإِنْفَاقٌ مِنَ الإِقْتَارِ»؛
أيْ: مِن الفَقرِ، فَإذَا أَنفَقَ وَهُو فَقِيرٌ - حَسَبَ استِطَاعَتِه-، فهَذَا
دَلِيلٌُ علَى قُوّةِ إِيمَانِه، قَالَ تعالى: ﴿وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ
خَصَاصَةٞۚ﴾ [الحشر: 9]، ﴿وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ
عَلَىٰ حُبِّهِۦ﴾ [الإنسان:
8]، مَعَ حَاجَتِهم إِلَيه يُؤثِرُون غَيرَهم، هَذَا دَلِيلٌ عَلَى قوَّةِ إِيمَانِهِم،
هَذِه أَعمَالٌ.
الشَّاهدُ:
أنَّ هَذِه أَعمَالُ - الإِنفَاقُ، بَذلُ السَّلاَمِ، الإِنصَافُ مِن النَّاسِ-،
وَقَد عَدَّها عَمَّارٌ رضي الله عنه هِي الإِيمَانُ.
هذَا سَبَق الحَدِيثُ قَولَه: «أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟»، أيْ: الإِيمَانُ؛ لأنَّ الإِسلاَمَ وَالإِيمَانَ بِمَعنَى وَاحد، «أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟»؛ أيْ: أيُّ الإِسلاَمِ أَفضَلُ، فَدلَّ علَى أنَّ الإِسلاَمَ والإِيمَانَ يَتَفَاضَل كلٌّ مِنهُما، وَلَيسَ عَلَى حَدٍّ وَاحدٍ، فَقَال صلى الله عليه وسلم: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ»، إِطعَامُ الطَّعامِ عَمَلٌ، والإِنفَاقُ عمَلٌ، «وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»، وأنْ تَبذُلَ السَّلامَ لِلنّاسِ مِثلُ: تَبذُلُ السَّلامَ لِلعَالَمِ؛ أيْ: لِلمُسلِمِين جَمِيعًا، وَهَذا عمَلٌ، دلَّ عَلَى أنَّ الأَعمَالَ دَاخِلةٌ فِيِ حَقِيقةِ الإَيمَانِ.