أمَّا الأَديَانُ السَّابِقة، فَفِيهَا شِدّةٌ،
كُلِّفُوا أَشيَاءَ؛ عُقُوبةً لَهم، كَانَ مِنهَا: أنَّ تَوبَتَهم تكُونُ بِقَتلِ
أَنفُسِهم: ﴿يَٰقَوۡمِ
إِنَّكُمۡ ظَلَمۡتُمۡ أَنفُسَكُم بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلۡعِجۡلَ فَتُوبُوٓاْ إِلَىٰ
بَارِئِكُمۡ فَٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ عِندَ
بَارِئِكُمۡ﴾ [البقرة: 54]، هَذَا مِمَّا
شَدَّد اللهُ بِه عَلَيهِم؛ عُقُوبةً لَهُم.
﴿فَبِظُلۡمٖ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمۡنَا
عَلَيۡهِمۡ طَيِّبَٰتٍ أُحِلَّتۡ لَهُمۡ﴾
[النساء: 160]، كَانَت فِي الأَوّلِ حَلاَلاً، فَحرَّمَها اللهُ؛ عُقُوبةً لَهُم.
فَالأَديَانُ
السَّابِقةُ فِيهَا شِدَّة، أمَّا هَذَا الدّينُ - ولله الحمد-، فَهُو دِينُ
السَّمَاحَةِ واليُسرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ
مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ﴾
[الحج: 78]، وَقَالَ: ﴿مَا
يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجۡعَلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ حَرَجٖ وَلَٰكِن يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمۡ وَلِيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكُمۡ﴾
[المائدة: 6]، فهَذَا الدِّينُ - وللهِ الحَمدُ - دِينُ السَّمَاحَةِ واليُسرِ،
لَكنْ يَجبُ أنْ نَعرِفَ أنَّ الدِّينَ والسَّماحَةَ لَيسَتْ بِالتَّحلُّلِ مِن
أَحكَامِ الدّينِ؛ لأِنَّ بَعضَهُم تَقولُ لَه: صَلِّ. يقُولُ: لاَ، الدِّينُ
يُسرٌ يَا أَخِي، لَيْسَ بِلاَزِمِ الصَّلاة، الدِّينُ يُسْر، أُصَلِّي أَو مَا
أُصَلِّي أَنَا مُسلِمٌ، ولاً تُلزِمُنِي بِالصَّلاةِ، الدِّينُ يسْرٌ.
يَترُكُ
الطّاعَاتِ، وَيَفعَلُ المُحَرَّماتِ، وَيقُولُ: الدِّينُ يُسْرٌ.
لَيسَ
هَكَذَا، الدِّينُ يسْرٌ فِي أَحكَامِه الّتِي شَرَّعَها اللهُ مُيَسَّرَة، لَيْسَ
مَعنَى الدِّينُ يُسْرٌ أنْ تَترُكَ الأَحكَامَ الشَّرعِيةَ، هَذَا مِن الكَذِبِ
عَلَى اللهِ، وَعَلَى رَسُولِه، وَعَلَى دِينِ الإِسلاَمِ، الّذِي يُسَمُّونَه
التَّسَامُحَ الآَنَ.
تُسَامِح
يَعنِي: لاَ تُؤَاخِذُ أَحَدًا بِفعلٍ فَعَلَه، تَسَامَح مَعَه. لَكنَّ هَذَا
اللهُ مَا يُسَامِحُه وَنَحنُ نُسَامِحهُ؟! مَا يَجُوزُ التَّخَلُّصُ مِن الدِّينِ
بِاسمِ التَّسَامحِ أَو بِاسمِ السَّمَاحَةِ، هَذَا قَولٌ عَلَى اللهِ وَكَذبٌ
علَى اللهِ سبحانه وتعالى.