حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
المُسْنَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ،
قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي
يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ
إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا
الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى
اللَّهِ» ([1]).
****
فِي
حَقِيقةِ الإِيمَانِ، وَدليلٌ علَى أنَّ الإِيمَانَ لاَ يَكُونُ بِالنطقِ فقَطْ
بِاللسَانِ -كمَا هُو مَذهبُ الكرَّامِيّةِ مِن المُرجِئةِ-، بَل لاَ بدَّ مِن
العمَلِ.
قَالَ
صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ»؛ أيْ: أَمَرَنِي رَبِّي أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ بَعدَ
الدَّعوَةِ.
أوّلاً:
الدَّعوَةُ، فَمَن قَبِلَ، فَالحمدُ للهِ، وَمَن لَم يَقبلْ بَعدَ دَعوَتِه،
فَإنَّه يُقَاتَلُ: «أُمِرْتُ أَنْ
أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَه إلاَّ اللهُ، وَأَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ وَيُقِيْمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ،
فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ»،
فَهذَا فسَّر الآيَةَ التِي قَبلَه، فَسَّر الآيَةَ التِي ذَكَرَها الشَّيخُ
قَبلَه؛ قَولَه تعالى: ﴿فَإِنْ
تَابُوا﴾، بيَّن أنَّ مَعنَى
التَّوبَةِ أنْ يَشهَدُوا أنَّ لاَ إلَه إلاَّ اللهُ وأنَّ مُحمَّدًا رَسُولُ
اللهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، ويُؤتُوا الزَّكاةَ، هَذَا مَعنَى التَّوبَةِ.
ودلَّ الحَدِيثُ: عَلَى مَا دَلّتْ عَلَيه الآيَةُ؛ أنَّه لاَ يَكفِي النطقُ بالشَّهادَتَين، بَل لاَ بدَّ مِن العمَلِ بمُقتَضَاهمَا، لاَ بدَّ مِن العمَلِ بِمُقتَضَى
([1]) أخرجه: البخاري رقم (85).