الشَّهادَتَين، وَلَيسَتَا مجرَّدَ لَفظٍ
يُقَالُ بِاللسَانِ مِن غَيرِ عَملٍ، فَدلَّ علَى أنَّ العمَلَ دَاخلٌ فِي
حَقِيقةِ التّوبَةِ، وَفِي حَقِيقةِ الإِسلاَمِ، وَفِي حَقِيقةِ الإِيمَانِ.
قالَ
صلى الله عليه وسلم: «عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ»، إذَا فعَلوا ذَلِك، عَصَمُوا؛ يَعنِي:
منَعُوا منِّي دِمَاءَهم؛ فَلا يَجُوزُ قِتَالُهم بعدَ ذَلِك، إلاَّ بِحَقّ
الإِسلامِ، فَإذَا امتَنعُوا مِن فَرِيضَةٍ مِن فَرَائضِ الإِسلامِ - إذَا
امتَنعُوا مِن الصَّلاةِ، أَو امتَنعُوا مِن أدَاءِ الزَّكاةِ، وَإذَا امتَنعُوا
عَن رُكنٍ مِن أَركَان الإِسلامِ، وَعَن شَعيرَةٍ مِن شعَائِرِ الإِسلامِ-،
فَإنَّهم يُقَاتلُون عَلَى ذَلِك؛ كَمَا قََاتلَ الصِّديقُ رضي الله عنه مَانعِي
الزَّكاةَ، مَعَ أنَّهم يَشهَدُون أنَّ لاَ إلَه إلاَّ اللهُ وأنَّ محمَّدًا
رَسولُ اللهِ، لِقَولِه صلى الله عليه وسلم: «إِلاَّ
بِحَقِّ الإِسْلاَمِ»؛ أيْ: بِحَقّ الشَّهادَةِ بِأنْ يُقِيمُوا الصَّلاةَ
وَيُؤتُوا الزَّكاةَ.
قَالَ
صلى الله عليه وسلم: «وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»؛ فِيهِ دَليلٌ عَلَى أنَّه يُقبلُ مِن
المَرءِ ظَاهِرَه، فإذَا أَظهَرَ الإِسلاَمَ، يُقبَلُ مِنهُ، ويُكَفُّ عَنه، حتَّى
يَظهَرَ مِنه مَا يُخَالفُ ذَلِك، وَهَذا لا يَعلمُه إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى،
كَونُه صَادِقًا فِي تَوبَتِه أَو كَاذِبًا اللهُ أَعلَمُ بِذَلِك، هَذَا لَيسَ
إِلَينَا، اللهُ هُو الذِي سَيُحَاسِبُه، وَنَحنُ نَحكمُ علَى الظَّاهرِ، وأمَّا
البَوَاطِنُ، فَلاَ يَعلمُها إلاَّ اللهُ سبحانه وتعالى.
***
الصفحة 3 / 190