×
شرح كتاب الإيمان من الجامع الصحيح

الشَّاهِدُ مِن هَذَا: أنَّ الإِيمَانَ - أيضًا - يَتَفَاوَتُ؛ مِثلَمَا يَتَفَاوَتُ الكُفْرُ، وَالشِّركُ، والنِّفَاقُ.

قَالَ رحمه الله: «عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»»، دلَّ عَلَى أنَّ قِيامَ لَيلَةِ القَدرِ مِن الإِيمَانِ، قِيَامُ لَيلَةِ القَدرِ عَمَل صَالِحٌ أَم لاَ؟ فَهُو مِن الإِيمَانِ؛ مِن خِصَالِ الإِيمَانِ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([1])، وَالحَدِيثِ الّذِي مَعَنَا: «مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ القَدْرِ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وَالحَدِيثِ الثَّالِثِ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([2]).

فهَذَا دَليلٌ عَلَى أنَّ صِيامَ رَمَضَانَ، وَعَلَى أنَّ قِيامَ رَمَضَانَ، وَعَلىَ أنَّ قِيَامَ لَيلَةِ القَدرِ كلُّ ذَلِك مِن الإِيمَانِ؛ مِن خِصَالِ الإِيمَانِ.

قوله: «إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا»؛ إِيمَانًا بِثَوَابِ اللهِ عز وجل، إِيمَانًا يَعنِي: اعتِقَادًا، لاَ يَقُومُها رِيَاءً أَو سُمْعَةً، إنَّما يَقُومُها إِيمَانًا خَالِصًا مِن قَلبِه، وَاحْتِسَابًا لِلأَجرِ الّذِي فِيهَا، يَطلُبُ الأَجرَ الّذِي فِيهَا، مَن قَامَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، حَصَلَ عَلَى المَطلُوبِ، فَدلَّ عَلَى أنَّ الإِيمَانَ لَه شُعَبٌ، وَلَه أَعمَالٌ كَثِيرةٌ، وَلَيْسَ هُو شَيئًا وَاحِدًا؛ كَمَا تَقولُه المُرجِئَةُ.

***


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (37)، ومسلم رقم (173).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (38)، ومسلم رقم (175).