أمَّا مَن قَامَ بَعضَ الشَّهرِ، فَلا يُضمَنُ
أنَّه أَدرَكَ لَيلَةَ القَدرِ؛ قَد تَكُونُ فِي الأَيَّامِ أِو فِي الّليَالِي
الّتِي لَم يَقُمْهَا، وَلكنَّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحرَّاهَا
فِي العَشرِ الأَوسَطِ، ثُمَّ تَبيَّن لَه أنَّها فِي العَشرِ الأوَاخِرِ، فَصَارَ
يَعتَكِفُ فِي العَشرِ الأَوَاخِرِ؛ طَلبًا لِلَيلَةِ القَدرِ ([1])،
ويَقُومُ العَشرَ الأَوَاخِرَ أَكثَرَ مِن غَيرِها مِن الشَّهرِ؛ طَلَبًا لِلَيلة
القَدرِ، هَذَا مِن بَابِ التَّحرِّي فَقَطْ، أمَّا الجَزمُ، فَلا يُجزَمُ أنَّها
لَيلَةٌ مُعيّنَةٌ؛ وَذَلِك - واللهُ أَعلَمُ - لأِجْلِ أنْ يَقُومَ المُسلِمُ
كلَّ لَيَالِي رمَضَان، فَيَحصُلُ عَلَى الأَمرَين - انتَبِهُوا-، يَحصُلُ عَلَى
الأَمرَين إذَا قَامَ كلَّ ليَالِي رَمَضَان، حَصَلَ عَلَى قِيامِ رَمَضَانَ،
وَحَصَلَ عَلَى قِيَامِ لَيلَةِ القَدرِ، فَهَذا فِيهِ التَّرغِيبُ فِي قِيامِ
رَمَضَانَ كلِّه، فيَحصُلُ عَلَى الوَعدَين الكِرِيمَين؛ قِيَامِ رَمَضَانَ
إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، وَقِيامِ لَيلَةِ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (813)، ومسلم رقم (1167).
الصفحة 2 / 190