مُقَدِّمَةُ الشَّارِحِ
****
الحَمدُ
للهِ ربِّ العَالَمِين، وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نَبِينَا مُحمّدٍ، وَعَلَى
آلِه وَأَصحَابِه أَجمَعِين، أمَّا َبعدُ...
فَإنَّ
الإِمَامَ البُخَارِي رحمه الله لاَ يَحتَاجُ إلَى تَعرِيفٍ؛ فهُو إِمَامُ
المُحدِّثِين، جَبَلُ الحِفظِ، وكِتَابُ «الجَامِعُ
الصَّحِيحُ» أَصَحُّ كِتَابٍ فِي الإِسلاَمِ بَعدَ كِتَابِ اللهِ سبحانه
وتعالى، وقَد وَضَعَه علَى كتب وَأَبوَابٍ مُفصَّلةٍ، تَرَاجِم لِكلّ بَابٍ، ممَّا
يُوضّح لِلقارِئِ فِقهَ الأَحَاديثِ، فهُو مِن فُقهَاءِ المُحدِّثِين، بَل هُو إِمَامُهم،
وَمِن ذَلِك مَا نَحنُ بِصَددِه، وهُو «كِتَابُ
الإِيمَانِ» مِن صَحِيحِ البُخَارِي.
لاَ
شكَّ أنَّ الإِيمَانَ هُو أَصلُ الدّينِ - الإِيمَانِ والإِسلاَمِ-، وهمَا
يَجتَمِعَانِ، الإِسلاَم ُوالإِيمَانُ شَيءٌ وَاحِدٌ، وَلَكنْ مِن جِهَةِ
التَّفصِيلِ الإِيمَانُ لَه أَركَانٌ خَاصَّة، وَالإِسلاَمُ لَه أَركَانٌ
خَاصَّةٌ.
والإِيمَانُ
يَكونُ فِي القَلبِ، والإِسلاَمُ يكُونُ فِي الأَعمَالِ الظَّاهِرةِ، الإِيمَانُ
يكُونُ فِي أَعمَالِ القلُوبِ، وَيَتبَعُها أَعمَالُ الجَوَارِحِ، يَتبَعُها
الإِسلاَمُ، وأمَّا الإِسلاَمُ، فهُو الأَعمَالُ الظّاهِرةُ، قَد يكُونُ
الإِنسَانُ مُؤمِنًا مُسلِمًا، وَقَد يكُونُ مُسلِمًا فَقَط، وَهُو المنَافِقُ
الّذِي اسْتَسلَمَ فِي الظَّاهِر، وانْقَادَ فِي الظَّاهِرِ، هَذَا يُقالُ لَه:
مُسلِمٌ، وَلاَ يُقالُ لَه: مُؤمِنٌ، وأمَّا مَن كَانَ فِيهِ إسْلاَمٌ وإِيمَانٌ،
فَهَذا هُو المُسلِم والمُؤمنُ حَقًّا، فلاَ يَكفِي إِسلامٌ بِدُونِ إيمَانٍ،
وَلاَ يَكفِي إِيمَانٌ بِدُونِ إِسلاَمٍ؛ لاَ بدَّ مِن الأَعمَالِ الظّاهِرةِ
والبَاطِنةِ.