القسم الثَّاني:
الذين لا يرون الوَلاء والبَراء، ويرون النَّاس سواء، ويَقولُون: ما علينا من
الدِّين، كُلٌّ له دين، ونَحْن بنو الإِنْسَان وبنو آدم كلنا سواء، ولا يَجُوز أن
يَكْره أحدٌ الآخر بسبب دينه، يسمون البراء كُرهًا، ويَقولُون: كره الآخر
ويعدُّونه من الإرهاب المُحرم، ويَقولُون: لا تكره أحدًا من بني البشر، وعليك
بالإِنْسَانية، وبنو آدم كلهم إخوان لا فرق بين كَافِر ومسلم.
هكذا
ينادون الآن، ويطالبون بإسقاط الوَلاء والبَراء من الإِسْلام، ولو تَمكَّنُوا
لمسحوا الآيات التي في القُرْآن في موضوع الوَلاء والبَراء، كما يحاولون ألا
تُكتَب في المناهج والمقررات الدراسية، ويَقولُون: لأن هذا يشوه المُسْلمين، ويشوه
الإِسْلام.
فهم
على طَرَف النقيض في المغالاة، هَؤُلاءِ مُفَرِّطون وأولئك مُفْرِطون.
القسم
الثالث: أهل الوسطية والاعتدال الذين يرون وجوب المُوالاَة في
الله، والمعاداة في الله، لكن ليس معنى ذلك أن نظلم الكفَّار، أو نقتل المعاهدين،
بل نَفِي لهم بعَهدهم ما وفوا لنا، مصداقًا لقوله تعَالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ
تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾
[المائدة: 8]، أي لا يجرمنكم بغضهم وعداوتهم على أن تظلموهم، بل العدل واجب مع
المسلم ومع الكَافِر، فلا يَجُوز الظلم بحالٍ من الأَحوَال، وقال تعَالى: ﴿وَلَا
يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ
أَن تَعۡتَدُواْۘ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا
تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ
شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [المائدة:
2].