فهكذا يأمرنا ديننا، وهو دين الاعتدال، فنَحْن
نبغض الكفَّار، ونبغض دينهم، ولكن لا نظلمهم، ولا نقتل المعاهدين منهم، قال صلى
الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا
لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ
أَرْبَعِينَ عَامًا» ([1])،
انظر مع أن القاتل مسلم يُؤمن بالله تَوَعَّده الله بأنه لا يجد رائحة الجنة مع
أنه قتل كَافِرًا، ولكن لما كان الكَافِر له عهد صار قتْلُه غدرًا في الإِسْلام
وطعنًا في الإِسْلام، فهو طعن في الإِسْلام من حيث لا يدري ويظن أنه ينصر
الإِسْلام، يقول: أقتل الكَافِر نصرةً للإسلام!! بل يقال له: أنت طعنت في
الإِسْلام وخذلته؛ لأنك شوَّهت الإِسْلام حتَّى يظن النَّاس بأنه دين الغدر
والخيانة.
حتَّى إن المُعَاهَد إذا قُتل خطأ ففيه الدية والكفَّارة مثل المسلم؛ كما قال تعَالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ﴾ [النساء: 2 9] إلى قوله: ﴿وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ﴾ [النساء: 92]، فيجب في قتل الكَافِر المعاهد خطأ ما يجب في قتل المُؤْمِن خطأ، الدية والكفَّارة: الدية لأهله على العاقلة، والكفَّارة على القاتل، وهي عتق رقبة مُؤْمِنة، فإن لم يجد فإنه يصوم شهرين متتابعين، يصوم شهرين في قتل كَافِر، لماذا؟ لأنه مُعَاهَد، وهو أخطأ في حق الإِسْلام، وهذا ذنبٌ يحْتَاج إلى كفارة، وأما إذا قتله عمدًا فعليه الوَعِيد، «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3166).