×

 [النحل: 106] بهذا الشرط: إذا وافقهم في الظَّاهِر مع بغض ما هم عليه في البَاطِن، وفعل هذا لأجل دفع الإِكرَاه فقط، ولا يستمر عليه، فإذا زال الإِكرَاه تزول موافقته لهم، فإن هذا العَمَل مباحٌ له ولا يضره في دينه.

وسبب نزول هذه الآية أنَّها نزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه لما أخذه الكفَّار وعذَّبوه ولم يطلقوه إلا لما سبّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، فمن أجل دفع شرهم سب الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فأطلقوه، فندم على ما حصل منه، وخاف من الله جل وعلا فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يَسأَله عن ذلك قاله له: «مَا وَرَاءَكَ» قَالَ: شَرٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَاللَّهِ مَا تُرِكْتُ حَتَّى نِلْتُ مِنْكَ، وَذَكَرْتُ آلِهَتَهُمْ بِخَيْرٍ. قَالَ: «فَكَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ؟» قَالَ: مُطَمْئِنٌ بِالإِْيمَانِ. قَالَ: «فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ» ([1]).

وهذا كما في قوله تعَالى: ﴿لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ فِي شَيۡءٍ إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ [آل عمران: 28] ﴿إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ [آل عمران: 28] أي: وافقتوهم في الظَّاهِر دفعًا لشرهم فلا حرج عليكم، أما من وافقهم على الكُفْر لأجل طمع الدُّنيا، أو لأجل حصول رياسة، أو لأجل أن يحصل على غرض من أغراض الدُّنيا، فهذا مرتد عن دِين الإِسْلام؛ لأنه غير مكره، قال تعَالى: ﴿وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ


الشرح

([1])أخرجه: عبد الرزاق في ((تفسيره)) (2/ 360)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (3/ 249)، والطبري في ((تفسيره)) (14/ 182)، والحاكم في ((المستدرك)) (2/ 389)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (1/ 140)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 208).