عَظِيمٞ﴾
[النحل: 106]، ثم ذكر السَّبب فقال: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا
عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [النحل:
107]، يعني: ذلك بسبب أنهم استحبوا الطمع الدنيوي على الإِيمَان.
قوله:
«وإلا فعلنا بك وقتلناك»، فهذا يعطيهم
ما طلبوا منه لا عن اقتناع ومُوافقَة، وإنما مِن بَابِ التخلص منهم لدفع الإِكرَاه
فقط، هذه رخصة من الله عز وجل من عمل بها فلا حرج عليه، ومن صبر على دينه حتَّى
يُقتل ولم يعمل بالرخصة فهذا أفضل.
قوله:
«قد أجمع العُلمَاء على أن من تكلم
بالكُفْر هازلاً أنه يكفر»، ودليل ذلك قوله تعَالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ
٦٥لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ
مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ ٦٦﴾ [التوبة: 65، 66]، فالذي يتكلم بكلام الكُفْر مازحًا أو
هازلاً من غير إِكرَاه فإنه يكفر، إنما يُستثنى المكره فقط.
قوله:
«فإنه يكفر» لأنه غير مكره، والدِّين
ليس فيه مزح وليس فيه هزل.
قوله:
«فكيف بمن أظهر الكُفْر خَوْفًا وطمعًا في
الدُّنيا؟»؛ أي لا شك في كفره كما في قوله تعَالى ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا
عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ١٠٧أُوْلَٰٓئِكَ
ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ
هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ ١٠٨﴾
[النحل: 107، 108].
فإذا
كان الهازل الذي لا يقصد طمع الدُّنيا يكفر بنص القُرْآن، فكيف بمن يفعل هذا من
أجل الدُّنيا؟! هذا قد باع دينه بدنياه.