ب قوله:
﴿وَلَن تَرۡضَىٰ
عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾ [البقرة: 120]، أي: تكون يهوديًّا أو تكون نصرانيًّا
ولا تبقى مسلمًا، وهذا خطابٌ للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو خطاب لأمته إلى أن
تقوم السَّاعة.
قال
تعَالى: ﴿قُلۡ
إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ﴾
[البقرة: 120]، الذي بعث الله به مُحمَّدا صلى الله عليه وسلم ﴿هُدَى ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 120] وأما اليَهُوديَّة والنصْرَانيَّة -
الموجودتان الآن - فليست هدًى؛ لأنها إما محرفة أو مبدلة، وإما منسوخة بالإِسْلام،
فالذي يبقى على اليَهُوديَّة والنصْرَانيَّة بعد بعثة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم
ليس هو على دين مُوسَى ولا على دين عِيسَى، وإنما اتبع هواه، قال تعَالى: ﴿وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ
أَهۡوَآءَهُم﴾ [البقرة: 120] ما قال: ولئن
اتبعت دينهم، فليس لهم دين بعد بعثة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، فلو قال: ولو
اتبعت دينهم صار هذا اعترافًا بدينهم، فالذي لا يتبع الرَّسُول صلى الله عليه وسلم
منهم متبع لهواه، وليس متبعًا لمُوسَى ولا لعِيسَى، قال الله جل وعلا: ﴿فَإِن لَّمۡ
يَسۡتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهۡوَآءَهُمۡۚ﴾ [القصص: 50]، فلم يبقَ بعد بعثة مُحمَّد صلى الله عليه
وسلم دين إلا دين مُحمَّد وهو الإِسْلام، ومن زعم أنه باقٍ على اليَهُوديَّة أو
النصْرَانيَّة الصَّحِيحتين فهو كاذبٌ؛ لأن اليَهُوديَّة والنصْرَانيَّة نُسخت
بالإِسْلام فصار متبعًا لهواه، ولم يتبع أمر الله سبحانه وتعالى.
فالمُؤْمِن
يدور مع أمر الله عز وجل والله أمر باتباع هذا الرَّسُول، فالذي يقول: أنا أبقى
على دين اليَهُوديَّة أو النصْرَانيَّة ليس صادقًا؛ لأنه لم تبق يَهُوديَّة ولا
نصْرَانيَّة محكمة صحيحة بعد بعثة مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، لم يبق إلا الهوى.