×

قال تعَالى: ﴿بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ [البقرة: 120] الذي جاء الرَّسُول من العلم ما هو؟ هو الوحي المنزل من الله جل وعلا بالقُرْآن والسُّنَّة، ﴿مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ [البقرة: 120]، هذا وعيدٌ من الله جل وعلا لمن اتبع أهواء اليَهُود والنَّصارَى والمُشْركين أن الله تبرَّأ منه ﴿مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ [البقرة: 120] يتولاك ﴿وَلَا نَصِيرٍ [البقرة: 120] ينصرك؛ لهذا قال: ﴿وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ [هود: 113]، فالذي يريد النصر يبقى على هذا الدِّين مهما كلَّفه الثمن، والذي يتخلى عن هذا الدِّين إنما يضر نفسه، والدِّين سيبقى بإذن الله وسييسر الله له من يقوم به ﴿وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم [مُحمَّد: 38]، ﴿مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ [المائدة: 54]، فالله يُهيئ لهذا الدِّين من يقوم به من العرب أو من العجم؛ لأنه دين للجميع، وكم نصر هذا الدِّين من الأعاجم من ملوك وعلماء؛ نصروا هذا الدِّين بالعلم وبالسلطان.

فهذا الدِّين ليس خاصًّا بالعرب، وإنما هو دين عالمي، وإذا تخلى عنه قوم يَسَّر الله له قومًا آخرين يقومون به، فالله جل وعلا لا يضيِّع دينه ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ [الحجر: 9]، وإنما نَحْن إذا ضيعنا ديننا ضِعنا، والدِّين يبقى، وييسر الله له حملةً وأهلاً إلى أن تقوم السَّاعة.

فلا تحاول أنك تحصل على رضا اليَهُود والنَّصارَى إلا بشيء واحد وهو أن تتخلى عن دينك نهائيًّا وتتبع ملتهم التي هم عليها، وهي ملة هوى وليست ملة دين؛ لأنهم لو كانوا يريدون الدِّين لاتبعوا هذا 


الشرح