وقتها لكن لما غُيرت وبُدلت وحُرفت ونُسخت لم
تبق هدى.
قوله:
﴿وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ
أَهۡوَآءَهُم﴾ [البقرة: 120] انظر إلى
السر، ما قال: ولئن اتبعت دينهم، بل قال: ﴿ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم﴾
[البقرة: 120]؛ لأنه لم يبقَ لهم دين ﴿أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ﴾ [آل عمران: 83]، ليس فيه إلا دين واحد وهو الذي بعث
الله به نبيه مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم.
قوله:
«وفي الآية الأخرى ﴿وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ
بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ﴾
[البقرة: 145] » التي في سياق آيات تحويل القبلة، قال تعَالى: ﴿وَلَئِنۡ
أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ
قِبۡلَتَكَۚ﴾ [البقرة: 145] لا يمكن أنهم
يستقبلون الكَعبَة؛ لأنهم لا يريدون الحق، وإنما يريدون أهواءهم فقط، ولو جئتهم
بالأدلة كلها ﴿بِكُلِّ
ءَايَةٖ﴾ [البقرة: 145]؛ لأن الحق لا
يخفى عليهم، فهم عصوا الله عن علمٍ وبَصِيرَةٍ وليس عن جهل، يعلمون أن هذا هو الحق
ولكنهم خالفوه لهواهم فقط، وإلا هم علماء يعلمون أن استقبال الكَعبَة هو الحق لما
يجدونه في التَّورَاة والإِنجِيل من وصف الرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
ولهذا قال تعَالى: ﴿وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ﴾ [البقرة: 145]، وهم اليَهُود والنَّصارَى ﴿بِكُلِّ ءَايَةٖ﴾ [البقرة: 145] بكل دليل وبرهان فإنهم لا يتبعون قبلتك؛ لأنهم ليس عندهم نقص في البراهين والأدلة على أن الحق ما جئت به بل عندهم علم بذلك، لكنهم لا يريدون الحق، ومن لا يريد الحق فلا حيلة فيه، لو تقيم عليه الجبال والدُّنيا كلها، قال تعَالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ كُلَّ شَيۡءٖ قُبُلٗا مَّا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَجۡهَلُونَ﴾ [الأنعام: 111]،