في
الوطن وبعيدهم في الوطن، قريبهم في النسب وبعيدهم في النسب، من أول الخليقة إلى
آخر الخليقة ﴿وَٱلَّذِينَ
جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ
سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾
[الحشر: 10].
ثم
قال جل وعلا: ﴿وَمَن
يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ﴾ [آل
عمران: 28]، يعني: يتخذ الكَافِرين أَوليَاء ويترك المُؤْمِنين، ﴿فَلَيۡسَ مِنَ ٱللَّهِ
فِي شَيۡءٍ﴾ [آل عمران: 28] تبرَّأ الله
جل وعلا منه، فالذي يقول: لا يَجُوز كره الكَافِر. هذا قد تبرَّأ الله منه في هذه
الآية - والعِيَاذ باللهِ - شاء أم أَبَى، فعليه أن يُراجع نفسه ويتوب إلى الله عز
وجل ولا يتمادى به الجَهل، والعُلمَاء بيَّنوا له أن هذا لا يجوز، فلا يتمادى به
الهوى بعد البيان ويُصِرُّ على هذه الكلمة الخبيثة القبيحة المحادة لله ولرسوله.
ثم
قال تعَالى - مستثنيًا -: ﴿إِلَّآ أَن تَتَّقُواْ مِنۡهُمۡ تُقَىٰةٗۗ﴾ [آل عمران: 28] هذا ما يسمى بالمُدارَاة، فتدرأ شرَّهم
بأن تعطيهم ما يريدون من مالك لدفع شرهم، أو أن تجيبهم إذا طلبوا منك أن تعاشرهم
في الظَّاهِر مؤقتًا، درءًا لشرهم، تعاشرهم ظاهرًا درءًا لشرهم، أو أن تعطيهم
شيئًا من المَال لكف شرهم، هذا تُقاة ومُدارَاة لشرهم، وهذه رخصةٌ من الله مثل
حالة الإِكرَاه، فالمُدارَاة ودفع الإِكرَاه رخصتان من الله جل وعلا للمُؤْمِنين
أن يتخلصوا من الضَّرر الذي يلحقهم من الكفَّار، أما أن توافقهم في البَاطِن
بالتَّنَازل عن شيء من دينك فهذا هو المُداهنَة، وهذا لا يجوز.
ثم
قال جل وعلا: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ
ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ﴾ [آل
عمران: 28] يحذركم الله من اطلاعه على ما في قُلوبكم وأعمالكم، ومن عقوبته وبأسه
إذا خالفتم