×

وانتهت المعركة وقفل المُشْركون إلى مكَّة، ورجع المُؤْمِنون إلى المَدينَة بعدما دفنوا شهداءهم، جاءهم خبر من الكفَّار بأننا سنرجع إليكم ونقضي عليكم، وهذه حرب نفسية والدِّمَاء ما زالت تسيل من الجراح التي في المُؤْمِنين من الكفَّار، فما تضعضع المُؤْمِنون، بل أمر النَّبي صلى الله عليه وسلم الذين رجعوا من أُحُد أن يخَرجُوا بجراحهم في طلب الكفَّار إلى أن بلغوا مكانًا يُقال له حمراء الأسد، فعسكروا فيه، فلما بلغ المُشْركين أن المُسْلمين خَرجُوا في طلبهم أصابهم الرُّعب، وقالوا: ما خَرجُوا إلا وفيهم قوة ([1]).

فلو أن المُسْلمين انهزموا في المَدينَة وذلوا وخافوا لرجع عليهم الكفَّار، ولكن لما تشجعوا وخَرجُوا جعل الله العاقبة لهم، وذكر الله جل وعلا هذا في آخر سورة آل عمران؛ حيث قال: ﴿ٱلَّذِينَ ٱسۡتَجَابُواْ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِنۢ بَعۡدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡقَرۡحُۚ [آل عمران: 172] أي: استجابوا لله وللرَّسُولِ وخَرجُوا وهم مصابون ﴿ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ [آل عمران: 173] يعني: مندوب الكفَّار والنَّاس يُطلق على الواحد، ﴿إِنَّ ٱلنَّاسَ [آل عمران: 173] وهم الكفَّار ﴿قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ [آل عمران: 173].

يعني: سيرجعون لكم مرة ثانية، ﴿فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا [آل عمران: 173]، فما تضعضعوا لما سمعوا هذا الكَلام وهذا التَّهديد، بل زادهم إِيمَانا ﴿وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ [آل عمران: 173]، توكلوا على الله عز وجل ﴿حَسۡبُنَا ٱللَّهُ [آل عمران: 173] أي: كافينا، ولا نلتفت إلى


الشرح

([1])  انظر: ((الطبقات الكبرى)) لابن سعد (2/ 48، 49).