جاءت المحنة والفِتنَة سنحت لهم الفرصة فأظهروا
ما عندهم من النِّفَاق، وصاروا يسبون المُسْلمين ويخطِّئون المُسْلمين ويمدحون
المُشْركين، ويدَّعون أن عباد القُبُور والأَضرِحَة مُسلِمُون.
ولو
فرضنا أن هَؤُلاءِ مُسلِمُون وهم قد اعتدوا على المُسْلمين، فهم باعتدائهم هذا
يسمون بغاة، والله جل وعلا يقول: ﴿فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ
فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي﴾
[الحجرات: 9]، فكان الواجب عليهم أن يقاتلوا مع وَلِي الأَمْر هَؤُلاءِ البغاة،
هذا إذا تنزلنا مَعهُم وقلنا: هَؤُلاءِ بغاة، فالله أمرنا أن نقاتل البغاة، وهم
صاروا مع البغاة.
قوله:
«وتسفيه رأيهم - في ثباتهم على التَّوحِيد
والصبر عليه، وعلى الجِهَاد فيه» وليس هذا بغريب، فقد حصل من المُنَافقِين
أسلافهم مثل ذلك لما جاءت الأحزاب إلى المَدينَة على عهد الرَّسُول صلى الله عليه
وسلم، وحاصروا المَدينَة وخانت اليَهُود وانضمت إلى المُشْركين، فقال رجل من
المُنَافقِين: كان مُحمَّد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يقدر أن يذهب
إلى الغائط، إن هذا إلا الغرور. فأنزل الله تعَالى قوله: ﴿وَإِذۡ يَقُولُ
ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ
إِلَّا غُرُورٗا﴾ [الأحزاب:
12]، فهَؤُلاءِ الذين في وقت الشَّيخ مثل هَؤُلاءِ لما جاء العَدُو انضموا إليهم
وقالوا: هَؤُلاءِ المُسلِمُون الموحدون ليسوا على شيء، وأنتم الذين على الحق
وأنتم.. وأنتم..
قوله: «وعاونوهم على أَهل التَّوحِيد طوعًا لا كرهًا واختيارًا لا اضطرارًا» مع أن الذين قُتلوا في بدر أُكرهوا على الخروج مع