«مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قُرَّائِنَا
هَؤُلاَءِ» ([1])،
ولكن البقية سكتوا ولم ينكروا عليه، فصار القول منسوبًا إليهم جميعًا، وصار
الاستهزاء منسوبًا إليهم جميعًا؛ لأنهم لم ينكروا.
ولما
سمع عوف بن مالك رضي الله عنه الصَّحابِي الشاب الذي كان مَعهُم هذا السب، قال:
للمتكلم: «كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول
الله صلى الله عليه وسلم »، ثم ذهب ليخبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، لما
وصل إلى الرَّسُول وجد أن الوحي قد نزل إليه في شأن هَؤُلاءِ، فدل هذا على أن
الإِنْسَان لا يَجُوز له أن يحضر مَجالِس الشر، مَجالِس الاستهزاء بالدِّين
والسخرية من الدِّين أو من المُسْلمين، بل عليه أن يبتعد عن مَجالِس المبتدعة،
ومَجالِس الدَعْوة إلى الشِّرك وسب التَّوحِيد، التي يَقولُون فيها: إن التَّوحِيد
هو دين الخوارج، وعِبَادَة القُبُور هي دين المُسْلمين وهي من التوسل ومن محبَّة
الصَّالِحين، يَقولُون هذا في مَجالِسهم، فالذي يحضر مَعهُم ولا ينكر يكون مثلهم، ﴿إِنَّكُمۡ
إِذٗا مِّثۡلُهُمۡۗ﴾ [النساء:
140].
فهذه الآية فيها دليل على تَحرِيم موالاة المُشْركين بالجُلُوس مَعهُم، وهم يتكلمون في سب الإِسْلام والمُسْلمين، فإذا جلست مَعهُم فهذا من المُوالاَة، وهذه مسْأَلة دقيقة تحْتَاج إلى فهم، فكَثِير من النَّاس يقرأ الآية ولا يفكر فيها، ولا يفهم منها أن الجُلُوس مع هَؤُلاءِ من المُوالاَة؛ ذلك لأنه لا يتدبر القُرْآن.
([1]) أخرجه: والطبراني في ((الكبير)) (173).