قوله: «فذكر تبارك وتعالى، أنه نزل على المُؤْمِنين
في الكِتَاب: أنهم إذا سمعوا آيَات اللهِ يكفر بها، ويُستهزأ بها» ومن الكُفْر
بها أن تُفسر بغير تفسيرها، وأن تؤول بغير تأويلها، هذا من الاستهزاء بآيَات اللهِ
عز وجل، أو أن يُقال: إن هذه آيات نزلت في عصرٍ مضى، أما نَحْن الآن في عصر الرقي
والتقدم والحضارة، أولئك بدائيون، أو يَقولُون: عِبَادَة الأَصنَام شرك ساذج،
وإنما الشِّرك السياسي.
بل
هذا شركٌ عظيم والعِيَاذ باللهِ، والله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13]، فهو عظيم وليس ساذجًا.
قوله:
«فلا يقعدوا مَعهُم، حتَّى يخوضوا في
حَدِيث غيره»، وإني لأخشى أن يكون الذي يفتح القنوات الفضائية التي تسبُّ الله
ورسوله وتسب دِين الإِسْلام ويستمع إليها أنه مثل من هو حاضر لهذه المَجالِس،
فليتنبه لهذا.
دل
هذا على أن الكفَّار إذا كانوا لا يتكلمون في المُسْلمين ولا يسبونهم فلا بأس من
الجُلُوس مَعهُم في عمل أو في وظيفة أو في شغل أو في بيع وشراء، أو الأكل مَعهُم،
وما شابه ذلك، والله جل وعلا لم يحرم الجُلُوس مَعهُم مطلقًا، نعم حرم الإقامة في
بِلاَد الكفَّار، أما الجُلُوس العارض والمجلس العارض هذا لا يحرم إلا إذا كان فيه
مسبة للإسلام.
قوله:
«وأن من جلس مع الكَافِرين بآيَات اللهِ،
المستهزئين بها في حال كفرهم واستهزائهم: فهو مثلهم»؛ لأن قوله: ﴿حَتَّىٰ
يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦٓ﴾
[النساء: 140]. يعني إذا خاضوا في غير سب الإِسْلام فلا مانع من الجُلُوس مَعهُم،
والقعود مَعهُم.