وديننا لا يمنع التَّعامُل مع غير المُسْلمين،
بل أباح الله تعَالى البيع والشِّراء والاستئجار، واتخاذهم عُمّالاً للأشياء التي
لا يُحسنها إلاّ هم، والرَّسُول صلى الله عليه وسلم قد استأجر دليلاً من المُشْركين
يُدلّه على الطَّريق في الهِجرَة، فلا مانع من استئجارهم للأُمُور التي لا يعرفها
إلا هم، ولا مانع من استيراد البضائع وعقد الصفقات مَعهُم، ولا مانع من التَّعامُل
مَعهُم في مثل هذه الأُمُور.
وأيضًا
يُشرع لنا أن نُحسن إلى من أحسن إلينا، قال تعَالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ
يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن
تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ﴾
[الممتحنة: 8]، هذا هو ديننا ليس دين الغدر ولا الخيانة وسفك الدِّمَاء والتخريب،
وكل هذا يبرأ منه الإِسْلام.
فيجب
على المسلم أن ينتبه لهذه الأُمُور وهذه المكائد، فهم حملوا هذه التصرفات الظالمة
على دِين الإِسْلام وعلى المُسْلمين، والدِّين منها بريء والمُسلِمُون أبرياء
منها، وهذه تصرفات أُناس تغيَّرت أمزجتهم، وخربت ضمائرهم، وحُشيت أدمغتهم بالغلوِّ
والتطرف، فهَؤُلاءِ لا يُحسبون على الإِسْلام، وعملهم هذا ليس من الإِسْلام، بل
الإِسْلام بريءٌ منهم كل البراءة، فديننا دين العدل والوفَاء لمن وَفَى معنا، قال
تعَالى: ﴿فَمَا ٱسۡتَقَٰمُواْ
لَكُمۡ فَٱسۡتَقِيمُواْ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 7] يقابل استقامتهم باستقامتنا مَعهُم على
العهد وعلى الوفَاء.
فيجب
ألا يُحسب هَؤُلاءِ على الدِّين؛ لأنهم أصحاب فِكرٍ خاصٍّ، وأفعالهم وتصرفاتهم
ينكرها الإِسْلام، فلا يُحمل ما يفعلونه على الدِّين ويُقال: دِين الإِسْلام دين
إرهاب ودين سفك دماء ودين تخريب.