العقوبة الثالثة:
﴿ثُمَّ لَا
تُنصَرُونَ﴾ [هود: 113]، هذا عكس ما
يريده الذين يركنون إلى الكفَّار، فهم يريدون أن ينصرهم الكفَّار، والله جل وعلا
يعكس عليهم مرادهم، فلا ينصرهم الكفَّار، ولا ينصرهم الله جل وعلا.
إذن
انطلقت أيديهم من الله، وانطلقت أيديهم من المُؤْمِنين، وتخلَّى عنهم الكفَّار،
فكيف يركن الإِنْسَان إلى عدوه، ويتعرض لهذه العقوبات المُفزعة؟
فإذا
كان كذلك فالمُؤْمِن لا يركن إلا إلى المُؤْمِنين، قال تعَالى: ﴿وَمَنۡ
أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ
إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾
[فصلت: 33]، ينتمي إلى المُسْلمين ويكون مَعهُم في الضَّراء والسَّراء، ولو أصابه
ما أصابه فإنه يصبر على دينه، ولا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من النَّصر، بل
ينتظر الفرج من الله عز وجل هذه صفات المُؤْمِنين.
أما
صفات المُنَافقِين وضعاف الإِيمَان: فإنهم عند الشَّدائد وعند الهزات يركنون إلى
أعدائهم، وهل ترجو من عدوك أن ينفعك وينصرك؟! الجَواب: لن يفعل ذلك أبدًا
إلا إذا وافقته على دينه، فإذا وافقته على دينه وصرت مثله فإنك حينئذٍ تكون من
الكَافِرين، وأنت تزعم أنك مُؤْمِن.
فهذه
الآية فيها بيان الخطر العظيم في الميل إلى الكفَّار والرُّكُون إليهم، وأن الواجب
على المسلم أن يعتز بدينه، ويصبر على ما يصيبه، وأن يتخذ الكفَّار أَعدَاء، ولا
يتخذهم أعوانًا له أو أنصارًا.
ولا
يمنع هذا أن يتعامل مَعهُم بالمُعامَلات المباحة كالبيع والشِّراء، إنما الكَلام
أنه ينضم إليهم في دينهم وعقيدتهم ومحبتهم، ويناصرهم على