×

 المُسْلمين، هذا هو الممنوع، أما أنه يتعامل مَعهُم بالمباح فهذا أمرٌ لا بأس به، وليس هذا من الرُّكُون إليهم، فنَحْن إذا اشترينا منهم أسلحة، أو ذخيرة، أو تعاملنا مع مصانعهم واستوردنا من منتوجاتهم، هذا لأجل منفعة المُسْلمين، وهو من أُمُور الدُّنيا، فلا يدخل هذا في الرُّكُون إلى الذين ظلموا، وهذا إنما نأخذه منهم بالثمن والقيمة، فليس لهم علينا فضل في هذا ولا منّة - والحمد لله - فعند المُسْلمين من الثروات المعدنية ما يجعل الكفَّار يتسابقون إلى التَّعامُل مَعهُم، ويبيع منتوجاتهم عليهم.

قوله: «فذكر تعَالى أن الرُّكُون إلى الظلمة من الكفَّار والظَّالمِين موجب لمسيس النَّار، ولم يفرِّق بين من خاف منهم وغيره إلا المُكره»، لم يفرِّق الله تعَالى في قوله: ﴿وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ [هود: 113]، ولم يستثن إلا في حالة كذا وكذا، ولم يستثنِ إلا المُكره؛ كما في آية النحل: ﴿إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ [النحل: 106]، فالمُكره يتخلص من الإِكرَاه، ويدفع الإِكرَاه بموافقتهم على شيءٍ في الظَّاهِر، في أمرٍ من أُمُور الدُّنيا مدارةً لهم، أما في أُمُور العَقِيدَة والدِّين فلا يَتنَازَل عن شيء منها، لكن في حالة الإِكرَاه يُظْهر المُوافقَة لهم فيما لا يمس الدِّين بشرط أن يكون قلبه مطمئنًا بالإِيمَان.

فمن وافقهم بظاهره وبقلبه فهو كَافِر، وأما من وافقهم بظاهره دون قلبه فإن كان غير مُكره فهذا مرتد عن دينه، ولأن هذا من الرُّكُون إليهم، وإن كان مُكرهًا جاز له ذلك مِن بَابِ الرخصة؛ فالرخصة تُقدر بقدرها ولا يُزاد عليها، فإذا زال الإِكرَاه عاد الإِنْسَان إلى التمسك بدينه


الشرح