×

 وهذا أشد من كونه يُقتل أو يُحرَّق أو يُعذب في الدُّنيا، ولعذَاب الآخِرَة أشد وأبقى، قال تعَالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ ١٠٨لَا جَرَمَ أَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ١٠٩ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَٰهَدُواْ وَصَبَرُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ ١١٠ [النحل: 108- 110].

قوله: «فحكم تعَالى حكمًا لا يُبدَّل أن من رجع عن دينه فهو كَافِر»، وهذا هو المرتد؛ لأنه ارتكب ناقضًا مِن نَواقِضِ الإِسْلام، إلا في حالة واحدة وهي حالة: الإِكرَاه.

قوله: «سواءٌ كان له عذر خَوْفا على نفسٍ أو مالٍ أو أهلٍ، أو لا، وسواءٌ كفر بباطنه أو بظاهره دون باطنه»، هذا كله مأخوذ من قوله: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ [النحل: 106]، فيركن إلى الكفَّار ويطيعهم وهو غير مُكْرَه؛ كمن يطمع في الدُّنيا إيثارًا للعيش مَعهُم بسلام... إلى آخر المطامع، فهذا لا يُعذر أبدًا، حتَّى ولو وافقهم في الظَّاهِر، ما دام لم يصل إلى حَدِّ الإِكرَاه؛ لأنه لا يَجُوز أن يُوافقهم لا في الظَّاهِر ولا في البَاطِن.

قوله: «وسواء كفر بفعاله ومقاله أو بأحدهما دون الآخر»؛ لأن الرِّدَّة أَنوَاع كَثِيرة، منها: ما هو قوليٌّ، ومنها: ما هو اعتقاديٌّ، ومنها: ما هو عمليٌّ، ومنها: ما هو شكٌّ في القلب، ومن ارتكب شيئًا منها وهو غير معذور فإنه يكفر، سواءً فعله بالظَّاهِر أو بالبَاطِن، أو فعله خَوْفًا من الكفَّار ولم يصل إلى حد الإِكرَاه، أو فعله من أجل طمع الدُّنيا، فالرِّدَّة لا تسوغ أبدًا.


الشرح