قال رحمه الله: وظاهر كلام أحمد رحمه الله: أنه في
الصورة الأولى لا يكون مكرهًا حتَّى يعذبه المُشْركون، فإنه لما دخل عليه يحيى بن
معين وهو مريض، فسلّم عليه فلم يرد عليه السلام، فما زال يعتذر ويقول: حَدِيث
عمّار، وقال الله تعَالى: ﴿إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ
وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [النحل: 106]، فقَلَب أحمد
وجهه إلى الجانب الآخر؛ فقال يحيى: لا يقبل عذرًا!!
فلما خرج يحيى قال
أحمد: يُحتج بحَدِيث عمار.
وحَدِيث عمار رضي
الله عنه: مررت بهم وهم يسبُّونك فنهيتهم فضربوني، وأنتم قيل لكم: نريد أن نضربكم.
فقال يحيى: ما
رأيت والله تحت أديم السماء أفقه في دين الله تعَالى منك.
****
قوله: «وظاهر كلام أحمد رحمه الله: أنه في الصورة الأولى لا يكون مكرهًا حتَّى
يُعذِّبَه المُشْركون»، الصورة الأولى هي قولهم له: «اكفر وإلا قتلناك أو ضربناك» فلا يكون مكرهًا حتَّى يعذبه
المُشْركون، أما مجرد التَّهديد فظاهر كلام الإمام أحمد أنه لا يبيح له ذلك حتَّى
يعذبوه بالفعل، و قوله: «ظاهر كلام
أحمد» أي: لم ينص عليه رحمه الله ولكنه ظاهر كلامه.
قوله:
«فضربوني»، يعني: لم يحصل منهم تهديدٌ
فقط، بل وقع الضَّرب فعلاً.