قوله: «نريد أن نضربكم»، فهو تهديد بالقول فقط، يريدون موافقتهم بمجرد
التَّهديد، وظاهر كلام أحمد أن التَّهديد ليس بعذر في مسْأَلة الكُفْر.
قوله:
«فقال يحيى: ما رأيت والله تحت أديم
السماء أفقه في دين الله تعَالى منك»، يعني: أحمد رحمه الله بموجب هذا الأثر؛
لأنه فهم قصة عمار فهمًا صحيحًا.
أما
يحيى بن معين الإمام المحدث وقرين الإمام أحمد في علم الحَدِيث، وصديقه أَيضًا،
فإنه قد عاصر فِتنَة القول بخلق القُرْآن في عهد المأمون، وقد امتحنه نائب المأمون
ببغداد مع عدد من القضاة والمحدثين، فأجابوا كلهم مكرهين متأولين قوله تعَالى: ﴿إِلَّا مَنۡ
أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾
[النحل: 106]، فأشهر موافقتهم أمام خَلْق كَثِير من مشايخ الحَدِيث والفقهاء وأئمة
المسَاجِد وغيرهم، ودعاهم إلى القول بخلق القُرْآن عن أمر المأمون، وذكر لهم
مُوافقَة أولئك المحدِّثين له على ذلك في الظَّاهِر عملاً برخصة الإِكرَاه،
فأجابوا بمثل جواب أولئك مُوافقَة لهم، ووقعت بين النَّاس فِتنَة عظيمة، فإنَّا
لله وإنا إليه راجعون.
وامتنع
عدد من العُلمَاء عن القول بخلق القُرْآن، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل، ومعه
مُحمَّد بن نوح، فقَيَّدهما نائب المأمون وجمَعهُما في الحديد وبعث بهما إلى
المأمون، إلا أن المأمون قد هلك قبل وصولهما إليه.