قال: فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم
في هذه الفِتنَة سواء بسواء، فإنهم قبل هذه الفِتنَة يَعبُدون الله على حرف، أي:
على طرف، ليسوا ممن يعْبد اللهَ على يقين وثبات، فلما أصابتهم هذه الفِتنَة
انقلبوا عن دينهم، وأظهروا مُوافقَة المُشْركين، وأعطوهم الطَّاعة، وخَرجُوا عن
جماعة المُسْلمين إلى جماعة المُشْركين، فهم مَعهُم في الآخِرَة، كما مَعهُم في
الدُّنيا، فخسروا الدُّنيا والآخِرَة، ذلك هو الخسران المبين.
هذا مع أن
كَثِيرًا منهم في عافية، ما آتاهم عدو، وإنما ساء ظنهم بالله، فظنوا أنه ينصر
البَاطِل وأهله على الحق وأهله، فأرداهم سوء ظنهم بالله؛ كما قال تعَالى فيمن ظن
به ظن السوء: ﴿وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي
ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [فصلت: 23]
****
قوله: «فهذه الآية مطابقة لحال المنقلبين عن دينهم في هذه الفِتنَة»، يعني: الفِتنَة
التي جرت على أَهل التَّوحِيد في وقت المصنف رحمه الله، فقد انحاز كَثِير من أهل
البِلاَد إلى الأَعدَاء وصاروا يقاتلون مَعهُم، ويدلونهم على الطرق، ويحملون لهم
الأسلحة والذخيرة، ويدلُّونهم على عورات المُسْلمين، حتَّى إنهم وشوا بالمُؤَلِّف
رحمه الله بعد الصلح بين أهل البِلاَد والجُيُوش الغازية فقُتل صبرًا بسبب ذلك على
يد قائد الجيش.
قوله:
«يَعبُدون الله على حرف، أي: على طرف،
ليسوا ممن يعْبد اللهَ على يقين وثبات، فلما أصابتهم هذه الفِتنَة انقلبوا عن
دينهم، وأظهروا مُوافقَة المُشْركين»، يعني مُوافقَة عباد القُبُور؛ كما قال
تعَالى: