×

 السَّابقة، والرَّسُول صلى الله عليه وسلم على جادة الأَنبيَاء ما اختلف عنها عليه الصلاة والسلام، ولم يأت بشيءٍ جديد لم تأت به الرُّسل حتَّى يقولوا خالف الرُّسل، قال تعَالى: ﴿قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعٗا مِّنَ ٱلرُّسُلِ [الأحقاف: 9]، فهم يعلمون هذا، ولكن الذي منعهم من اتباعه هو الحسد؛ لأنهم يريدون أن تستمر النبوة في بني إِسرَائيل، والآن صارت النبوة في بني إسماعيل، قال تعَالى: ﴿يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ [النساء: 54]، هذا في الذين منعهم الحسد والكِبر من بعد ما تبين لهم الحق.

فهم يعلمون أنه نبي لكن لا يتبعونه لغرضٍ من الأغراض: إما لحمية على دينهم، وإما لطمعٍ دنيويٍّ يخشون أنه يفوت، أو لرئاسة يخشون ضياعها، كما حصل من هرقل عظيم الروم لما جاءه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نصرانيًّا، فجمع النَّصارَى واستدعى من في الشام من العرب القادمين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيادة أبي سفيان، وكان في ذلك الوقت كَافِرًا، فسألهم هرقل عن مُحمَّد صلى الله عليه وسلم فأخبروه، ثم قال لأبي سفيان: سألتك عن نسبه، فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرُّسل تبعث في نسب قومها، وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول: فذكرت أن لا، فلو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت: رجل يأتسي بقول قيل قبله، وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فذكرت أن لا، فلو كان من آبائه من ملك قلت: رجل يطلب ملك أبيه، وسألتك هل كنتم تتهمونه الكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فعرفت أنه لم يكن ليذر الكذب على النَّاس ويكذب على الله، وسألتك أشراف النَّاس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم


الشرح