اتبعوه، وكذلك هم أتباع الرُّسل، وسألتك أيزيدون
أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإِيمَان حتَّى يتم، وسألتك أيرتد أحد
سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإِيمَان حين تخالط بشاشته
القُلُوب، وسألتك هل يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرُّسل لا تغدر، وسألتك بما
يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهاكم عن
عِبَادَة الأَوثَان، ويأمركم بالصَّلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقًّا
فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارجٌ لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني
أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه.
قال
أبو سفيان: فلما قال ما قال وفرغ من قراءة كتاب النَّبي صلى الله عليه وسلم كثر
عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرجنا، فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمِرَ أمْر
ابن أبي كبشة، إنه يخاف ملك بني الأصفر.
ثم إن هرقل بعد ذلك جمع عظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغُلّقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النَّبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غُلّقت، فلما رأى هرقل نفرهم وأيس من إِيمَانهم قال: ردوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفًا أختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7)، ومسلم رقم (1773).