قال: ثم قال تعَالى: ﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي
بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ﴾ [مُحمَّد: 26] فأخبر تعَالى أن سبب ما جرى عليهم
من الرِّدَّة وتسويل الشَّيطَان، وإملائه لهم، هو قولهم للذين كرهوا ما نزّل الله:
سنطيعكم في بَعْض الأُمُور.
فإذا كان من وعد
المُشْركين الكارهين لما أنزل الله بطاعتهم في بَعْض الأَمر كَافِرا، وإن لم يفعل
ما وعدهم به، فكيف بمن وافق المُشْركين الكارهين لما أنزل الله من الأَمر بعبادته
وحده لا شريك له، وترك عِبَادَة ما سواه من الأنداد والطواغيت والأَموَات، وأظهر
أنهم على هدى، وأن أَهل التَّوحِيد مخطئون في قتالهم، وأن الصواب في مسالمتهم،
والدخول في دينهم البَاطِل؟!
فهَؤُلاءِ أولى بالرِّدَّة
من أولئك الذين وعدوا المُشْركين بطاعتهم في بَعْض الأُمُور، ثم أخبر تعَالى عن
حالهم الفظيع عند الموت، ثم قال 0 - ﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّهُمۡ﴾ [مُحمَّد: 26] أي: الأَمر الفظيع عند الوفاة غ ط
ظ ص ض س ش ر ز د ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱتَّبَعُواْ
مَآ أَسۡخَطَ ٱللَّهَ وَكَرِهُواْ رِضۡوَٰنَهُۥ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ﴾ [مُحمَّد: 28].
****
هَؤُلاءِ الذين قالوا للذين كرهوا ما أنزل الله:
﴿سَنُطِيعُكُمۡ
فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ﴾
هم وعدوهم وعدًا، وأَيضًا ما وعدوهم بالطَّاعة الكاملة، بل ببَعْض الطَّاعة ومع
هذا وصفهم الله عز وجل ب قوله: ﴿ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى﴾
[مُحمَّد: 25].
قوله:
«وأظهر أنهم على هدى وأن أَهل التَّوحِيد
مخطئون في قتالهم» أي أظهر هذا المرتد للمُشْركين الغازين أنهم على هُدى، وأن
المُسْلمين