×

قوله تعَالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ [المائدة: 54]، هذا تابع للدليل الذي قبله والرِّدَّة عن الدِّين هي الرجوع عن الدِّين بارتكاب ناقضٍ مِن نَواقِضِ الإِسْلام، قال تعَالى: ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ [المائدة: 54 ]، فأنتم لا تضرون الدِّين وإنما تضرون أنفسكم، والله جل وعلا لا يضيِّع دينه إذا تخليتم عنه، فإن الله يأتي له بمن ينصره، فلا خَوْف على الدِّين إنما الخَوْف علينا نحن.

فالله سُبحَانَه ناصر دينه لا محالة، فإن تركه قوم أتى الله بقوم آخرين؛ كما قال تعَالى: ﴿وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم [مُحمَّد: 38]، وهنا قال: ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ [المائدة: 54]، هذا فيه وصف بأن الله جل وعلا يحبُّ المُؤْمِنين، وهذه صفة من صفاته سبحانه وتعالى، فكما أنه سُبحَانَه يُبغض الكَافِرين فإنه يحب المُؤْمِنين، محبَّة تليق بجلاله، ليست كمحبَّة المخلوق، بل هي كسائر صفات الله جل وعلا.

قوله: ﴿وَيُحِبُّونَهُۥٓ هذه صفتهم أنهم يحبون الله جل وعلا، ومن أحبَّ الله أحبّه الله، أما المُنَافقُون فإنهم لا يحبون الله جل وعلا، فلا يحبهم، وكذلك الكفَّار لا يحبون الله، فالله لا يحبهم، قال تعَالى: ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ [البقرة: 98]، وقال: ﴿لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ [الممتحنة: 1] فالله يبغض الكَافِرين والمُنَافقِين، ويحبُّ المُؤْمِنين والمتَّقِين والمحسنين.

قوله: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ [المائدة: 54] أي: يُلِينون الجانب لإخوانهم المُؤْمِنين ويلطفون بهم، ﴿أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ [المائدة: 54] أقوياء على


الشرح