الكَافِرين، لا يبدون لهم الذلة واللين والتملق
أبدًا، إنما يُبدون لهم العزة والقوة؛ لئلا يطمع الكفَّار في المُسْلمين، فإنهم
إنما يطمعون حين يكون المُسلِمُون أذلة أمام الكَافِرين.
وقد
كان الكفَّار يأسرون من يأسرون من الصَّحابَة ومن المُسْلمين الصَّادقي الإِيمَان
فلا يَتنَازَل الصَّحابَة عن دينهم أبدًا، وإن قتلوا وإن حرّقوا وإن قطّعوا.
·
فهذه الآية
فيها بيان لبَعْض صفات المُؤْمِنين:
الصفة
الأولى: ﴿يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾
[المائدة: 54]، فمن أحبَّ الله أحبّه الله.
والصفة
الثَّانية: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [المائدة: 54]، وهذه كما في قوله تعَالى: ﴿أَشِدَّآءُ
عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ﴾
[الفتح: 29]، أما أهل النِّفَاق فعلى العكس رُحماء على الكفَّار أشداء على
المُؤْمِنين.
والصفة الثالثة: ﴿يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [المائدة: 54]، فلا يقاتلون من أجل طمع الدُّنيا، أو لأجل الحمية والعصبية، أو لأجل الطمع في البِلاَد، وإنما يقاتلون في سبيل الله، وقد سُئل النَّبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، و الرجل يقاتل حميّة، والرجل يقاتل من أجل المغنم، فأي ذلك في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (123)، ومسلم رقم (1904).