قوله: «فقد قال تعَالى: ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ﴾
[المائدة: 54] »، هَؤُلاءِ الذي يحبهم ويحبونه لا يخافون في
الله لومة لائم؛ لأن الخَوْف ليس عذرًا، قال تعَالى: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَيۡءٖ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ
وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 155]، والواجب على المسلم أن يصبر على
الخَوْف.
قوله:
«وهذا بضد من يترك الصدق والجِهَاد خَوْفا
من المُشْركين» وفيه قوة، أما إذا صار ليس في المُسْلمين قوة، وخافوا أن يُقضى
على الإِسْلام فإنهم يؤجِّلون القتال ويتصالحون مع الكفَّار على وضع القتال، أي:
يهادنونهم، لكن إذا كان في المُسْلمين قوة وقدرة على الجِهَاد فلا يَجُوز لهم أن
يتركوه خَوْفًا من الكفَّار، فهناك فرقٌ بين كون المُسْلمين يؤجلون الجِهَاد؛
لأنهم ليس عندهم استطاعة ومقدرة، وبين كونهم يتركونه خَوْفًا من الكفَّار مع قوة
المُسْلمين.
قوله:
«ثم قال تعَالى: ﴿يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾
[المائدة: 54] أي في توحيده»
في سبيل الله، هذا هو مقصدهم؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ» ([1])
وليس كل المقاتلين في سبيل الله، إنما هم حسب نياتهم ومقاصدهم.
قوله: «إنما همتهم وغاية مطلوبهم رضا سيدهم ومعبودهم، والهرب من سخطه» هذا هو الحامل لهم، وليس معنى الجِهَاد ما هو واقع الآن من بَعْض الذين يدّعون الجِهَاد بدون قيادة وبدون تنظيم وَلِي الأَمْر، هذا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (123)، ومسلم رقم (1904).