يَشۡتَرُونَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ
ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ
سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ﴾ [آل
عمران: 199]، وإنما بَعْض أهل الكِتَاب، فلا يقال: إن أهل الكِتَاب كلهم كفار، فقبل
البعثة كان فيهم مُؤْمِنون صادقون، فاستجابوا للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بعد
البعثة واستمروا على إسلامهم وإِيمَانهم، ومن أبى منهم أن يطيع الرَّسُول صار
كَافِرًا؛ لأن الله عز وجل لا يقبل إلا دِين الإِسْلام الذي جاء به الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم، أما الدِّين السَّابق فقد انتهى ونُسخ.
قوله: ﴿يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ
أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ ، إما
أنهم كفار من الأصل، أو إنهم كفروا لما بُعث الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فلم
يؤمنوا به، ﴿لَئِنۡ
أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا﴾؛ لأنكم إخواننا وخاصتنا، فلا نطيع فيكم أحدًا أبدًا لا
الرَّسُول ولا غير الرَّسُول، ﴿وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ﴾ وإن قاتلكم الرَّسُول نكون معكم ونقاتل معكم.
وهذه
وعود منهم، فكفروا بمجرد الوعود وهم لم يفعلوا، وصاروا إخوان اليَهُود - والعِيَاذ
باللهِ - بمجرد القول والوعد؛ لأن الله قال: ﴿وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ﴾ [الحشر: 11]، فهم كاذبون في قرارة أنفسهم، ومع هذا حكم
عليهم بالكُفْر بما قالوه ومالؤوا عليه اليَهُود.
فدلّ
على أن الرِّدَّة تكون بالقول كما تكون بالاعتقاد في القلب، فالذين يَقولُون: إن
الرِّدَّة لا تكون إلا بالاعتقاد بالقلب -وهم المُرجئة- قد أخطئوا، والله عز وجل
حَكَم على هَؤُلاءِ أنهم كفار، وأنهم إخوان اليَهُود بمجرد قولهم، مع أن الله شهد
عليهم أنهم كاذبون، فهم لم يقصدوا ما قالوا، وإنما هذا مِن بَابِ المصانعة
لأَعدَاء اللهِ عز وجل.