أَلاَ
كُلُّ مَنْ رَامَ السَّلاَمَةَ فَلْيَصُنْ *** جَوَارِحَهُ
عَمَّا نَهَى اللهُ يَهْتَدِ
*****
الإنْسانِ أن يَحفَظَ لِسانَه، ويحفظَ بَصرَه،
ويحفظَ سَمعَه، ويحفظ يَدَه ورجلَهُ، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ
لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ
كَانَ عَنۡهُ مَسُۡٔولٗا﴾ [الإسراء: 36].
«أَلاَ»؛ حرفُ تَنبِيه،
كَما في قَولِه تعالى: ﴿أَلَآ
إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ﴾ [يونس: 62]، ﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ
ٱلۡمُفۡسِدُونَ﴾ [البقرة: 12].
«مَنْ رَامَ
السَّلاَمَةَ»؛ أي من قَصدَ السَّلامَةَ: وهِيَ العَافِيَةَ، فمن قَصدَ العَافيَةَ في
الدُّنيا والآخِرَةِ؛ «فَلْيَصُنْ»؛ أي يَحفَظُ من الصِّيانَةِ، أو من الصَّونِ
وهو الحِفظُ «جَوَارِحَهُ»؛ أي أعْضاءَه وحَواسَّه، فإن كنتَ تُريدُ العافِيَةَ في
الدُّنيا والآخِرَة فاحْفَظْ جوارِحَكَ، وإذا أهمَلْتَ جَوارِحكَ فإنَّها
تُهلِككَ.
«عَمَّا نَهَى اللهُ»؛ يصونُها عمَّا
نَهى اللهُ عَنُه، اللهُ جل وعلا نهى عن المَعَاصي وعَنِ الفَواحِشِ وعن كُلِّ ما
يَضرُّ الإنسانَ من الأعمالِ والأقوالِ والمَكاسِبِ، قال تعالى: ﴿وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ
وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]، فكلُّ
ما يَضرُّ الإنسانَ في دِينهِ ودُنياهُ فقد نهى اللهُ عنه، والنَّهيُ: معناه طَلبُ
الكَفِّ عن الشَّيءِ، والنَّهي الأصلُ فيه أنَّهُ للتَّحرِيم، فما نهى اللهُ عنه
أو نَهى عَنْهُ رَسولُه صلى الله عليه وسلم، فإنه حَرامٌ، إلاَّ إذا دلَّ
الدَّليلُ على أنه للكراهَةِ، فإذا دَلَّ الدَّليلُ على أن النَّهيَ للكراهَةِ،
كراهةِ التَّنزِيهِ يَعني تَركُ الشَّيء من بابِ الأوْلَى والاحتياطِ.
الصفحة 2 / 626