وقَدْ عامَل المُخْتارُ بعضَ
اليَهُودِ يَا *** فَتًى وأَكَلَ لَمَّا دَعَوْهُ فَقَلِّدِ
****
المالِ خُذْهُ واقْبلْهُ، رزقٌ ساقَهُ اللهُ
إِلَيك، حتى إِنَّهم قالوا: يجوز سُؤَالُ وليِّ الأَمْر، إِنَّما السُّؤَالُ الذي
لا يجوز سُؤَالُ أَفْرَادِ النَّاس أَوْ آحادِ النَّاس، أَمَّا سُؤَالُ الأُمَرَاء
والوُلاَة فلا بَأْسَ به.
كذلك أَكْلُ طعامِ الكفَّار
والتَّعامل مع الكفَّار بالبيعِ والشِّراءِ والمعاهداتِ جائِزٌ، والرَّسُولُ صلى
الله عليه وسلم تعامَل مع الكفَّار لأَجْل مصالحِ المسلمين، ولأَنَّ هذا ممَّا
تقوم به مصالحُ العباد وليس هو مِن المحبَّةِ لهم أَوِ المُوالاةِ لهم، وإِنَّما
هذا مِن تبادلِ المنافع التي خلَقها اللهُ، والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ
مِن طعامِ اليهوديِّ، والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم قَبِلَ دَعْوَةَ
اليَهُودِيِّ الذي دعاه إِلَى طعامٍ، فهذا دليلٌ على أَنَّه لا مانعَ مِن
التَّعامُلِ مع الكفَّار، وأَكْلِ طعامِهم وقَبُولِ هَدِيَّتِهم، والإِهْداءِ
إِلَيهم، قال تعالى: ﴿لَّا
يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ
يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ
ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨ إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ
ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن
دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن
يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ﴾ [الممتحنة: 8- 9]
والكافرُ الحَرْبِيُّ الذي ليس بَيْنَنا وبَيْنَه معاهدةٌ هذا له معاملةٌ خاصَّةٌ،
أَمَّا الكافرُ المعاهدُ والكافرُ الذي لم يحصل منه شيءٌ يسوءُ المسلمين فلا مانعَ
مِن التَّعامُل معه في حدودِ المباح، وليس هذا مِن الموالاةِ كما يظنُّ بعضُ
الجُهَّال، هذه مصالحُ دُنْيوِيَّةٌ، والبَشَرُ يَرْتَبِطُ بعضُهم ببعضٍ، قد يكون
الإِنْتاجُ عند الكفَّار، ويكون عندهم الصِّناعاتُ، فنشتري ونبيع معهم،
نَسْتَوْرِدُ منهم البضائِعَ، لا مانعَ مِن ذلك، نبيعُ عليهم إِذَا طلبوا ممَّا
عندنا، يدفعون لنا ثمنًا ونُعْطِيهم
الصفحة 1 / 626