الحَثُّ
عَلَى تَعَلُّمِ الفَرَائِضِ وَحُكْمُ النَّظَرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
*****
لما فرَغَ مِنْ
أحكامِ الجَنائز والقُبور والتَّذكيرِ بالمَوت، ذكَرَ ما يتعلَّقُ بالمَيتِ من
أحكام، فإنها تَتعلَّق بالمَيِّت أحكامٌ مِنها: المِيراثُ، فمال الميِّتِ يَنتقِلُ
إلى ورثَتِه مِن بعْدِه، على مُوجَبِ القِسمَة التِي قَسَّمَها اللهُ سبحانه
وتعالى في كتَابِه في «سورة النساء»، فإنَّ الله سبحانه وتعالى قَسَّم المَوارِيث
بالفرُوضِ وبالتَّعصِيب، قال صلى الله عليه وسلم: «أَلْحِقُوا الفَرَائِضَ»؛
أي الأنْصِبة التي فَرضَها اللهُ «بِأَهْلِهَا» ([1])؛ النِّصفُ
وَالرُّبعُ والثُّمنُ والثُّلُثانِ والثُّلُثُ والسُّدسُ، هذه الفُروض ألْحِقوها
بأهْلهَا، أعْطُوا كُلَّ صاحِب فَرض فَرضَه، فإن بَقي شَيءٌ فهو للعَاصبِ؛ «لأَِوْلَى
رَجُلٍ ذَكَرٍ».فيجب تعلُّمُ الفَرائِضِ والحَثُّ على ذلك؛ لأنَّ النَّبي صلى الله
عليه وسلم حَثَّ على تَعلُّمِها ورَغَّب فيه، وقَال: «إِنَّهُ عِلْمٌ يُنْسَى،
وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُرْفَعُ مِنْ أُمَّتِي»، فيجبُ العِنايَةُ بهذا الفَنِّ
وهذا العِلمِ وتَدارُسُه، كان الصَّحابَة يتدارَسُونَه فيما بَينَهم، فإذا جَلسُوا
مجلسًا فإنَّهم يتَذاكَرون الفَرائضَ حتَّى تبقَى وتُنفَّذ كَما أمر اللهُ سبحانه
وتعالى، أمَّا إذا لم يُعتنَ بِهذا العلْمِ فإنَّ هذه الفرائض تَضيعُ، وتَضيع
الحُقوقُ على أهْلهَا.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ فَإِنَّهُ يُنْسَى، وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُرْفَعُ مِنْ أُمَّتِي حَتَّى يَخْتَلِفَ الاثْنَانِ فِي الفَرِيضَةِ، فَلاَ يَجِدَانِ مَنْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا» ([2])، وقال: «إِنَّهُ نِصْفُ العِلْمِ» أي عِلْمُ الفرائِض
الصفحة 1 / 626