النَّذْرُ والشَّهادةُ وحُكْمُ شهادةِ الزُّورِ وشاربِ الخَمْرِ

ولا تَفْعَلَنَّ النَّذْرَ مَا النَّذْرُ سُنَّةُ *** لفُقْدانِه مِن كُلِّ هادٍ ومُرْشِدِ

*****

هذا البابُ مُتضمِّنٌ لهذه الأُمورِ الثلاثةِ، حُكْمِ النَّذْرِ، وحُكْمِ شَهادةِ الزُّورِ، ومَن يُمنع قَبُول شهاداتِهم بسببِ القوادحِ التي تكون بالشُّهود.

النَّذْر: هو الالتزامُ، تقول: نَذَرْتُ كذا وكذا بمعنى الْتَزَمْتَ به وأَلْزَمْتَ نفسَك به، يُقال: نذَر دَمَ فُلانٍ. يعني أَلْزَمَ نفسَه بقَتْلِه، فالنَّذْرُ معناه الإِلْزامُ، هذا مِن حيث اللُّغة ومِن حيث الشَّرْع النَّذْرُ: هو إِلْزامُ الإِنْسانِ نفسَه شيئًا لمْ يجبْ عليه بأَصْلِ الشَّرْع، كأَنْ يَنْذُرَ صدقةً، أَوْ يَنْذُرَ الصَّلاةَ، أَوْ يَنْذُرَ الصِّيامَ، فالنَّذْرُ ينقسم إِلَى قِسْمَيْنِ:

القِسْمِ الأَوَّلِ: نَذْرُ طاعةٍ.

القِسْمِ الثَّاني: نَذْرُ مَعْصِيَةٍ، كأَنْ يَنْذُرَ أَنْ يفعلَ شيئًا مُحرَّمًا، أَوْ شيئًا مخالفًا للشَّرْع، أَوْ يَنْذُرَ للقُبور أَوْ للأَضْرحةِ، أَوْ يَنْذُرَ للجِنِّ أَوْ للشَّياطين هذا نَذْرُ مَعْصيةٍ ونَذْرُ شِرْكٍ. والأَصْلُ في النَّذْر أن الإِنْسان لا يدخل فيه؛ لأَنَّه في سَعَةٍ، فإِذَا نذَر فإِنَّه يُلزم نفسَه بشيءٍ لم يُلْزِمْه اللهُ به مِن قبلُ، فيحصُل عليه ضررٌ في ذلك وقد يعجز عن الوفاءِ، فكونُ الإِنْسان في سَعَةٍ أَحْسنُ مِن أَنَّه يُلزِم نفسَه، وقدْ كان في سَعَةٍ إِنْ شاءَ فعَل الخيرَ وإِنْ شاءَ لم يفعلْ؛ ولا حرجَ عليه، ولكنْ إِذَا نذَر لزِمه ذلك، وقد يكون يَكْسِلُ عن هذا أَوْ يعجزُ، كالذي يَنْذُرُ أَنْ يصومَ شهرًا أَوْ يصومَ سَنَةً ويعجز عن هذا، أَوْ يشُقُّ عليه، فالإِنْسانُ في سَعَةٍ يفعل الخيرَ بدون أَنَّه

---

الشرح