يُلزِم نفسَه به، أَمَّا أَنْ يُلزِمَ نفسَه فهذا أَمْرٌ غيرُ مرغَّبٍ فيه شرعًا، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ النَّذْرَ لاَ يَأْتِي بِخَيْرِ إِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ» ([1]) لا يَنْذُرُ الخيرَ والطَّاعةَ إلاَّ إِنْسانٌ كسولٌ يريد أَنْ يُلزِمَ نفسَه، أَمَّا الإِنْسانُ الذي يَرْغَبُ في الخيرِ، فهذا لا يحتاجُ إِلَى أَنْ يُلزِمَ نفسَه، وهذا معنى البخيلُ، البخيلُ يَشِحُّ بالمال ولا يتصدَّق إلاَّ إِذَا نذَر، وأَمَّا غيرُ البخيلِ فإِنَّه يفعل، فيُكرَهُ أَنَّ الإِنْسانَ يَنْذُرُ، وبعضُ العلماءِ يقول: يحرُم أَنَّه يَنْذُرُ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فَلاَ تَنْذُرُوا» ([2]) فالذي عليه الجُمْهور أَنَّه مكروهٌ، وذهَب جمعٌ مِن أَهْلِ العلم إِلَى أَنَّه يحرُم أَنَّه يَنْذُرُ، فإِذَا نذَر وأَلْزم نفسَه وجَب عليه، هذا هو النَّذْرُ، ويجب عليه الوفاءُ بما نذَر إِذَا كان نَذْرَ طاعةٍ، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ» ([3]) واللهُ جل وعلا أَثْنى على الذين يُوفُون بالنَّذْر قال تعالى: ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُهُۥۗ﴾ [البقرة: 270]، أَيْ يُجازيكم عليه، قال تعالى في الأَبْرارِ: ﴿يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا﴾ [الإنسان: 7]، ذكَر مِن صفاتِ الأَبْرار أَنَّهم يُوفُون بالنَّذْر، وجاءَ في الحديث أَنَّه في آخِر الزَّمان يأْتي أُناسٌ يَنْذُرُونَ ولاَ يُوفُونَ ([4])، مِن بابِ الذَّمِّ لهم. وقال تعالى: ﴿وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ﴾ [الحج: 29]، هذا أَمْرٌ بالوفاءِ بالنَّذْر، إِذَا كان نَذْرَ طاعةٍ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6608).