×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

يَكُبُّ الفَتَى فِي النَّارِ حَصْدُ *** لِسَانِهِ فَحَافِظْ عَلَى ضَبْطِ اللِّسَانِ وَقَيِّدِ

*****

 لما بَيَّن النَّاظمُ رحمه الله أنَّ سَعادَة الإنسانِ بِحفظِ جَوارِحه على سَبيلِ العُمومِ، بدَأَ بالتَّفصِيل فَبدأ بِأخْطرِ الجَوارِح وهو: اللِّسانُ؛ لأنَّه يَصدُر عنه كَلامٌ كَثيرٌ، فقد يكونُ فيه هَلاكُ الإنسانِ، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» ([1])، شَبَّه الكلامَ المُحرَّم بالزَّرعِ يَزرعُه الإنسانُ، ثُمَّ يَحصُده يومَ القِيامَة، فأنت تَحصُد ما زرعْتَه بلسَانِك في هذه الدُّنيا.

وفي الحديثِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: «وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لِفُلاَنٍ»، وَإِنَّ الله سبحانه وتعالى قَالَ: «مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ»؛ أي من ذا الذي يَحلِفُ عَليَّ أن لا أغْفرَ لفُلان؛ «إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَه، وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» ([2])، كلمةٌ واحِدَةٌ أحبَطتْ عَملَه؛ لأنَّه تَجرَّأ على اللهِ عز وجل وأساءَ الأدَبَ مع الله، وحَلفَ على اللهِ أن لا يَغفِرَ لفُلان، وهذا سُوءُ أدَبٍ مع اللهِ عز وجل، وقُنوطٌ من رَحمَةِ اللهِ عز وجل.

قال أبو هُريرَةَ رضي الله عنه: «قَالَ كَلِمَةً أَفْسَدَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ» ([3]).

وفي الحَديثِ الآخَر: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ الله، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» ([4])، «وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ يَكْتُبُ اللهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» ([5]).


الشرح

([1] أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22016).

([2] أخرجه: مسلم رقم (2621).

([3])أخرجه: أبو داود رقم (4901).

([4] أخرجه: البخاري رقم (6478)، ومسلم رقم (2988).

([5] أخرجه: الترمذي رقم (2319)، والحاكم رقم (138)، وابن حبان رقم (280).