تحريمُ
الغِيْبة والنَّميمةِ
*****
الغِيْبةُ والنَّمِيمةُ جريمتان من الجرائِمِ
الخُلقيَّةِ، والغِيْبةُ كما بيَّنها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «ذِكْرُكَ
أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» ([1]) يعني في غَيْبَتِه،
فالغِيْبةُ مأْخوذةٌ من الغَيْبة، وهي عدمُ الحُضور، فإِذَا تكلَّمتَ في شخصٍ
غائِبٍ بما يكرَهه من صفاته، فهذه هي الغِيْبة، واللهُ جل وعلا يقول: ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ
أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ﴾ [الحجرات: 12]، فشبَّه اغْتيابَ الشَّخْص بأَكْل
لَحْمِه وهو ميِّتٌ، ومن يُطيقُ ذلك؟! فالغِيْبةُ أَكْلُ لحومِ النَّاس.
فالواجبُ على المسلم أَنْ يترفَّعَ عنها، قيل: يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قال: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ» أَيْ نَسَبْتَهُ إِلَى ما ليس فيه، وكذَّبْتَ عليه، فالمُغْتاب لا يَخْلو، إِمَّا أَنْ يكونَ مُغْتابًا، وإِمَّا أَنْ يكونَ كذَّابًا، وكِلاهما جريمتان، فيجب حِفْظُ اللِّسان عن الكلام في النَّاس، واغْتِيابِ النَّاس؛ لأَنَّ لهم حُرْمةً، وأَعْراضُهم مُحرَّمةٌ، كحُرْمةِ دِمائِهم وأَمْوالِهم، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ([2]) وكما يحرُم الدَّمُ والمالُ يحرُم العِرْضُ، بلْ ربَّما يكون العِرْضُ أَخْطرَ من المال؛ لأَنَّ المالَ إِذا ذهب يمكن أَنْ يعوضَ، ولكنَّ العِرْضَ إِذا ذهب لا يعوض، فعِرْضُ الإِنْسان أَغْلى عليه من ماله، يقول الشَّاعرُ:
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2589).
([2]) أخرجه: البخاري رقم (67)، ومسلم رقم (1679).
الصفحة 1 / 626