×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

فُضُولُ الكَلاَمِ ارْفُضْ فَلاَ تَكُ مُكْثِرًا *** كَلاَمًا بِغَيْرِ الذِّكْرِ لِلهِ تَسْعَدِ

فَإِنَّ فُضُولاً لِلكَلاَمِ قَسَاوَةٌ *** لِقَلْبِ الفَتَى عَنْهُ الخُشُوعُ بِمُبْعَدِ

*****

الصَّالحَة لَهم، فيكُونُ الغُرماءُ لَه يومَ القِيامَة، يأخذُونَ من حَسنَاتِه، وربَّما يَذهَبون بِكلِّ حسَناتِه، ولا يَبقَ له شَيءٌ، فآفةُ اللِّسانِ خَطيرةٌ جدًّا، فعلى الإنسانِ أن يَحفَظَ لِسانَه.

«فَحَافِظْ عَلَى ضَبْطِ اللِّسَانِ»؛ حافِظ على ضَبطِ لِسانِك، ولا تَتكلَّم إلاَّ بما فيهِ خَيرٌ، وما فيهِ مَصلَحَةٌ، واضبِطْهُ وقَيِّدهُ عمَّا ليسَ فيه مَصلَحَةٌ، يقولون: إنَّ اللِّسانَ مِثلُ الكَلبِ العَقورِ، إذا لم تَربِطهُ وتُوثِقهُ فإنه يَعقِرُ النَّاسَ، ويَجتَرئُ عَلى النَّاس، ولذلك قال: «فَقَيِّدِ» يَعني قَيِّدْ لِسانَك، يعني اربِطْهُ مثل ما يُربطُ الكَلبُ العَقورُ.

من آفاتِ اللِّسانِ فُضولُ الكَلامِ، وهي الكَلامُ الزَّائِدُ، فلا يَصيرُ الإنسانُ ثَرثارًا، دائمًا يتكَلَّمُ بدونِ فَائِدَةٍ، هذه فُضولُ الكَلامِ، هَذا خَسارَةٌ عَليهِ، ويُتعِب لِسانَه ويُتعِب المُستَمعِين بِالكلامِ الذي لَيسَ تَحتَه طَائلٌ، ويتَحدَّث في المَجالِس، وفي كل مُناسَبةٍ بدون فَائدَة، فيحفظُ الإنسانُ لِسانَه عن الفُضولِ؛ أي الكلامِ الزَّائدِ الذي ليسَ له حاجَةٌ.

قالَ الشَّاعِر:

وَزِنِ الكَلاَمَ إِذَا نَطَقْتَ وَلاَ *** تَكُنْ ثَرْثَارَةً فِي كُلِّ نَادٍ تَخْطُبِ

الواجِبُ على الإنسانِ أنَّه يُمسِكُ لِسانَهُ عن فُضولِ الكَلامِ، ولا يُتعِبُ لِسانَهُ ويُضيِّع وَقتَه إلاَّ بِذكرِ اللهِ، فالكَلامُ الكَثيرُ بِذكرِ اللهِ طَيِّبٌ، إذا كان بالتَّسبِيحِ بِالتَّهلِيلِ بالتَّكبِيرِ، وتَعليمِ العِلمِ النَّافِعِ، والدَّعوَةِ إلى الله عز وجل، والموعظةِ، هذا يَرفَعُهُ اللهُ بهِ درجاتٍ، وَيغْرِس له غَرسًا


الشرح