×
إتْحَاف الطُّلابِ بِشرحِ مَنظُومةِ الآداب

ولاَ تَحْسَبَنَّ النَّذْرَ لِلْخَيْرِ جَالبًا *** بلِ النَّذْرُ مِخْرَاقُ البَخِيْلِ المُشَدِّدِ

وليس حرامٌ الفِعْل إِذْ نُدِبَ الْوَفَا *** بِهِ في كتابِ اللهِ مَعْ صِدْقِ مُسْنَدِ

*****

لا تظنَّ أَنَّ النَّذْرَ هو الذي يَجْلِبُ لك الخيرَ، وإِنَّما النَّذْرُ صفةُ البخيلِ الذي لا يفعل الطَّاعةَ إلاَّ بنَذْرٍ، هذا هو البخيلُ، والنَّذْرُ ليس هو الذي يجلب لك الخيرَ أَوْ يدفعُ عنك الشَّرَّ كما يظنُّ بعضُ النَّاس: إِنْ شفى اللهُ مريضي لَأَفْعَلَنَّ كذا، إِنْ نَجَحْتُ في الامتحان أَفْعل كذا، ويظنُّ أَنَّ النَّذْرَ هو الذي يساعده على حصول المقصود أَوْ يدفعُ عنه الضَّرَرَ، لا، ليس كذلك، قال صلى الله عليه وسلم: «فإِنَّ النَّذْرَ لاَ يَأْتي بخَيْرٍ، وإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيْلِ» فينبغي أَنْ يزولَ هذا الشُّعورُ مِن نَفْس المُؤْمن، فلا يعتقدْ أَنَّه إِذَا نذَر يحصُل له المقصودُ، أَوْ يَنْدَفِعُ عنه المكروهُ.

وليس حرامًا يعني ليس بحرامٍ أَنْ تَنْذُرَ، هذا على قول الجُمْهور أَنَّ النَّذْرَ مكروهٌ وليس حرامًا، والقولُ الآخَرُ أَنَّه حرامٌ؛ لأَنَّه جاءَ النَّهْيُ عنه في روايةٍ، والدَّليلُ على أَنَّه ليس بحرامٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالوفاءِ به، ولو كان حرامًا ما أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالوفاءِ به.

جاءَ الوفاءُ بالنَّذْرِ في كتاب الله ﴿يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ[الإنسان: 7]، ﴿وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ [الحج: 29]، ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوۡ نَذَرۡتُم مِّن نَّذۡرٖ [البقرة: 270].

وقوله: «مَعْ صِدْقِ مُسْنَدِ» يعني في الحديث صحيحِ السَّندِ عن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ([1]).


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (6696).