وَلاَ
تُخْلِيَنَّ اللَّيْلَ مِنْ وِرْدِ طَائِعٍ *** بِحِزْبِكَ
تَتْلُو فِيهِ سِرًّا تُجَوِّدِ
*****
الفِكرِ والبالِ،
ويكون تدَبُّرُ القُرآنِ في هذه الحالة أحْضَرَ من حَالَة أخْرى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ
هِيَ أَشَدُّ وَطۡٔٗا﴾ أي مُواطَئَةً للقَلبِ واللِّسانِ، هذا فيه فضل صَلاةِ
اللَّيلِ، والأفضل من صَلاةِ اللَّيل ما كان في الثُّلثِ الأوْسطِ، وهو وقتُ صلاةِ
داود، قال صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصَّلاَةِ صَلاَةُ دَاوُدَ كَانَ
يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» ([1])، هذا قيامُ دَاودَ،
يصادف جوفَ اللَّيلِ، ويصادف النُّزولَ الإلَهِيَّ، فَيجتمِعُ فيه فَضيلَتان.
لا تُضيِّعْ قيامَ
اللَّيلِ ولو كان قليلاً، الذي ينامُ كلَّ اللَّيلِ ولا يصلِّي من اللَّيلِ شيئًا،
هذا خاسِرٌ، فلا تضيع قيامَ اللَّيلِ، ولو قيامًا يسيرًا تُداوم عليه، «فَأَحَبُّ
العَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ»، فاجعل لك نَصيبًا من قيامِ
اللَّيلِ، وحزبًا من القرآن تقرَأه في صَلاةِ اللَّيل لِتنالَ هذا الثَّوابَ
العَظيم، وهذا الأجْرَ الكَبيرَ.
قراءةُ القُرآنِ في صلاةِ اللَّيلِ هل هي سرٌّ أو جهرٌ؟ هذا يتبع الأحوَالَ، فإن كان إذا جَهرَ يُشوِّشُ على غَيرِه أو يُوقِظُ نَائمينَ حَولَه فلا يجهر، هذا الإسْرارُ في حَقِّه أفْضلُ، أما إذا كان لا يَترتَّبُ على جَهرِه مَحذور، فإن الجهْرَ أفْضلُ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1131)، ومسلم رقم (1159).