×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

إن هذا هو الخط الذي يجب أن يسير عليه العبد في مأكله ومشربه وملبسه وهو ميزان الاعتدال بين الإسراف والتقطير وبين البخل والتبذير، ولقد تكرر ذكر هذا النظام المعتدل للمأكل والمشرب في القرآن الكريم في أكثر من موضع مثل قوله تعالى: {وَلَا تَجۡعَلۡ يَدَكَ مَغۡلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبۡسُطۡهَا كُلَّ ٱلۡبَسۡطِ فَتَقۡعُدَ مَلُومٗا مَّحۡسُورًا} [الإسرَاء: 29]. وقوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا}  [الفُرقان: 67].

ومن تكريم الله سبحانه لهذا الإنسان أن ذلل له هذه الكائنات وألهمه كيف يستخدمها لصالحه ويصرفها لحاجته طائعة منقادة لأمر خالقها العليم القدير الذي يخاطب الإنسان بقوله سبحانه: {هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّىٰهُنَّ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖۚ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ}  [البَقَرَة: 29]، يصور لنا تعالى في هذه الآية الكريمة:{خَلَقَ لَكُم} بقدرته الكاملة ونعمته الشاملة وأي قدرة أكبر من قدرة الخالق وأي نعمة أكمل من جعل كل ما في الأرض مهيئًا لنا ومعدًا لمنافعنا - وللانتفاع بما في الأرض طريقان:

أحدهما: الانتفاع بأعيانها في الحياة الجسدية.

وثانيهما: الانتفاع بالنظر فيها والاعتبار بها في الحياة العقلية.

إننا ننتفع بكل ما في الأرض برها وبحرها من حيوان ونبات وجماد حسيًا وروحيًا وما لا تصل إليه أيدينا ننتفع بالاستدلال به على قدرة مبدعه وحكمته والتعبير «يتناول ما في جوف الأرض من المعادن» ([1])، وما في البحار من اللؤلؤة والمرجان واللحم الطري وما على ظهر الأرض من النباتات والزروع والثمار والحيوانات المباحة،


الشرح

([1])تفسير المنار ص(247) ج (1).