يطهر الله قلبه وأنى
يستجيب له قال صلى الله عليه وسلم: «يَا
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ الطَّيِّبَ إِنَّ
اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ قَالَ: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ
كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ
عَلِيمٞ}[المؤمنون:
51] وَقَالَ: { يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ} [البَقَرَة: 172] قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ
أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ
وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ
بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ» ([1])، وكما أن
للمأكل حلاً وحرمة أثرًا بالغًا على قلب الفرد وسلوكه استقامة واعوجاجًا.
فإن هذا الأثر ينجر على المجتمع كله فيتأثر بذلك لأن المجتمع مكون من
الأفراد.
فمجتمع يسوده الصدق في المعاملات والتغذي بالمباحثات يكون مجتمعًا نظيفًا مثاليًا متعاونًا متماسك البنيان - ومجتمع تسود فيه الرشوة والغش والتغذي بالمحرمات يكون مجتمعًا ملوثًا متفككًا متخاذلاً هابطًا إلى الأرض، مرتعًا لكل رذيلة وبالتالي يكون مجتمعًا منهزمًا لا يلبث أن يزول عند أدنى عاصفة لأن المطاعم الخبيثة تفسد الطباع وتغذي غذاء خبيثًا «ولما كان الله سبحانه إنما حرم الخبائث لما فيها من الفساد إما في العقول أو الأخلاق أو غيرها ظهر على الذين استحلوا بعض المحرمات من الأطعمة أو الأشربة من النقص بقدر ما فيها من المفسدة، ولولا التأويل لاستحقوا العقوبة» ([2])، واستباحة المحرم المجمع على
([1])رواه الإمام أحمد ومسلم في صحيحه: (1015)، والترمذي، انظر: تفسير ابن كثير (ج 1 ص205) ط: الاستقامة بالقاهرة.