فأمر المؤمنين بذلك خاصة لأنهم هم المنتفعون في الحقيقة بالأوامر والنواهي
بسبب إيمانهم فأمرهم بأكل الطيبات من الرزق والشكر لله على أنعامه باستعمالها
بطاعته والتقوي بها على ما يوصل إليه فأمرهم بما أمر به المرسلين في قوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ
كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ} [المؤمنون: 51].
وفي هذه الآية: لم يقيد بالأكل من الحلال لأن إيمان المؤمن يحجزه عن تناول
ما ليس له ([1]) «إن الله
ينادي الذين آمنوا بالصفة التي تربطهم به سبحانه وتوحي إليهم أن يتلقوا منه
الشرائع وأن يأخذوا عنه الحلال والحرام ويذكرهم بما رزقهم فهو وحده الرزاق ويبيح
لهم الطيبات مما رزقهم فيشعرهم أنه لم يمنع عنهم طيبًا من الطيبات وأنه إذا حرم
شيئًا فلأنه غير طيب لا لأنه يريد أن يحرمهم ويضيق عليهم وهو الذي أفاض عليهم
الرزق ابتداء» ([2]).
وللأكل من الطيبات آثار طيبة على النفوس والأبدان، فالطيبات التي أباحها
الله هي المطاعم النافعة للأبدان والعقول والأخلاق فكل ما نفع فهو طيب وكل ما ضر
فهو خبيث.
وللأكل من الحلال والطيب من المطاعم أثر عظيم في صفاء القلب واستجابة الدعاء والعبادة كما أن الأكل من الحرام يمنع قبولهما قال تعالى عن اليهود: {أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٞ ٤١ سَمَّٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ}[المَائدة: 41-42] أي الحرام ومن كانت هذه صفته كيف
([1])تفسير ابن سعدى ص(96) ج(1).