للآية ولا يخل بذلك إباحة
بعض المستخبثات كالثوم لأن ما أخرجه الدليل يخصص به عموم النصوص ويبقى حجة فيما لم
يخرجه الدليل، ويدخل فيه أيضًا كل ما نص الشرع على أنه خبيث إلا لدليل يدل على
إباحته مع إطلاق اسم الخبيث عليه» ([1]) وهذا قول الحنفية والشافعية والحنابلة ([2]) وعمدتهم في ذلك قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ
وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ} [الأعرَاف: 157]
وليس المراد بالطيب هنا الحلال لأنه لو كان المراد به ذلك لكان تقديره: أحل
لكم الحلال وليس فيه بيان وإنما المراد بالطيبات ما تستطيبه العرب وبالخبائث ما تستخبثه،
ولا يرجع في ذلك إلى طبقات الناس وينزل كل قوم ما يستطيبونه أو يستخبثونه لأنه
يؤدي إلى اختلاف الأحكام في الحلال والحرام واضطرابها وذلك يخالف قواعد الشرع - بل
يرجع في ذلك إلى اعتبار العرب فهم أولى الأمم بأن يؤخذ باستطابتهم واستخباثهم
لأنهم المخاطبون أولاً وهم جيل معتدل لا يغلب فيهم الانهماك على المستقذرات ولا
التمنع الشديد المتولد من التنعم مما ينشأ عنه التضييق على الناس ([3]) في مجال الأطعمة.
لكن من يا ترى يصدق عليه هذا الوصف من العرب.
قال الشافعية: «يرجع إلى العرب الذين هم سكان القرى والريف دون أجلاف البوادي الذين يأكلون ما دب ودرج من غير تمييز وتعتبر
([1])تفسير الشنقيطي ص(267) ج(2).