×
الْأَطْعِمَة وَأَحْكَام الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

 قال ما دب ودرج إلا أم حبين فقال ليهن أم حبين العافية ونفس قريش كانوا يأكلون خبائث حرمها الله وكانوا يعافون مطاعم لم يحرمها الله وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قدم له لحم ضب فرفع يده ولم يأكل فقيل أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه «فعلم أن كراهة قريش وغيرها لطعام من الأطعمة لا يكون موجبًا لتحريمه على المؤمنين من سائر العرب والعجم، وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يحرم أحد منهم ما كرهته العرب ولم يبح ما أكلته العرب.

وقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ} [الأعرَاف: 157]  إخبار أنه سيفعل ذلك فأحل النبي صلى الله عليه وسلم الطيبات وحرم الخبائث مثل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير فإنها عادية باغية فإذا أكلها الناس والمغتذي شبيه بما تغذى به - صار في أخلاقهم شبه من أخلاق هذه البهائم وهو البغي والعدوان، فالطيبات التي أباحها هي المطاعم النافعة للعقول والأخلاق والخبائث هي الضارة للعقول والأخلاق» أ. هـ.

ويقول في موضع آخر ([1]): «ولا أثر لاستخباث العرب فما لم يحرمه الشرع فهو حل وهو قول أحمد وقدماء أصحابه» فهو بهذا يرى أن التحليل يتبع الطيب والمصلحة، والتحريم يتبع الخبث والمضرة في ذات الأشياء لا في اعتبار الناس، وهذا قول له وجاهته واعتباره كما ترى.

وقبل أن ننتهي من هذا المبحث نشير إلى أن القائلين بالقول الأول، بعد اتفاقهم على أن لاستخباث العرب مدخلاً في الحل والحرمة قد اختلفوا في أشياء نتيجة لتحقق هذا المناط فيها وعدم تحققه، من ذلك:


الشرح

([1])الاختبارات ص(321).